كتب خالد أبو شقرا في “نداء الوطن”:
عشية إعادة التصويت على مشروع قانون السرية المصرفية، برز موقف أولي مسرب من صندوق النقد الدولي يفيد بعدم كفاية التعديلات التي أدخلت على مشروع القانون المعاد من رئيس الجمهورية، وتجاهلها شروطاً أساسية. وهذا ما ينسجم وفق المحامي د. باسكال فؤاد ضاهر، مع توافق قوى السلطة على عدم إقرار أي قانون إصلاحي، “إذ لم يصدر منذ بداية الازمة ولغاية الآن أي قانون فاعل، يضع لبنان على سكة التعافي. وذلك على عكس ما يجري مع الدول الواقعة بأزمات مشابهة، حيث دخل “الصندوق” ببرنامج مع مصر، وهناك اتجاه لالغاء ديون السودان. في حين أن التذاكي اللبناني على القوانين التي تقر وتجريدها من مفاعيلها وتفخيخها، يعطلان أي مسار اصلاحي للخروج من الانهيار”.
على عكس كل ما يشاع فان “قانون تعديل السرية المصرفية هو قانون إجرائي ويطبق بمفعول رجعي، إنما بأثر عقابي آني”، يؤكد ضاهر، و”الاعتراض هو ان القانون حصر رفع السرية المصرفية بجهتين فقط، الاولى هي هيئة التحقيق الخاصة الواقعة تحت سلطة حاكم المصرف المركزي. والثانية تتمثل بالادارة الضريبية. وحتى أن المشرع قد جرد بخطأ فادح القضاء من هذه المهمة لانه أحال الى النص، نصوص الجرائم التي فرضت بدورها رفع السرية بواسطة هيئة التحقيق هذه، وحتى أن الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، هي اشبه بهيئة استشارية مجردة من الصلاحيات، وعليها واجب العودة الى هيئة التحقيق الخاصة”. والمشكلة بحسب ضاهر ان “هيئة التحقيق الخاصة لا تتمتع باستقلالية وظيفية، والسبب يكمن في اشغال رئاستها من قبل الحاكم، وهذا ما يمثل قمة التناقض وتعارض المصالح، وبالتالي قبل إعطائها هذه الصلاحية يجب تأمين استقلاليتها، وتجريدها من الاستنسابية، جرياً على ما يحصل في دول العالم، لا سيما فرنسا”.
بالتوازي رأى المدير التنفيذي لـ”المفكرة القانونية” المحامي نزار صاغية في مؤتمر صحافي أن “مشروع قانون إلغاء السرية المصرفية يجرد النيابات العامة من الحصول على معلومات تخوّلها مباشرة دعاوى الحق العام في الكثير من الجرائم المالية، فضلاً عن أنه يجعل النفاذ إلى الأسرار المصرفية المتصلة بالموظفين العامين وقفاً على الحصول على إذن مسبق بالملاحقة من رئيسهم الإداري، طالما أن الدعوى لا تعدّ منعقدة أصولاً إلا بعد الحصول على هذا الإذن”. كما أن المشروع “يتجاهل مرجعية الهيئات القضائية المختصة في الحصول على معلومات مصرفية من دون المرور بهيئة التحقيق الخاصة، ويضيّق مرجعية الهيئات المصرفية المعنية (لجنة الرقابة على المصارف، مصرف لبنان، المؤسسة الوطنية لضمان الودائع)، إذ بقيت اللجنة حذرة ومترددة في منحها صلاحية غير مقيدة لرفع السرية المصرفية، رغم كون هذه الهيئات في غالبها مرتبطة بمصرف لبنان وجمعية المصارف”. وذكر صاغية أن “اللجنة تجاهلت مرجعية السلطات الضريبية، ففي حين انتقد صندوق النقد الدولي ربط صلاحية السلطات الضريبية بقضايا مكافحة التهرب الضريبي، إلا أن اللجنة تجاهلت تماماً هذه الملاحظة