28-مارس-2024

كتب طارق ترشيشي في”الجمهورية”: أقصى ما يمكن استخلاصه من السجال السياسي المتبادل الاخير بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلّف سعد الحريري، والذي «أنجب» اللقاء السابع عشر بينهما بعد غد الاثنين، هو انّهما دخلا الى السلطة معاً، فإما يبقيان معاً حتى نهاية الولاية الرئاسية، او يذهبان الآن معاً، اذا ظلّ الخلاف بينهما مستحكماً…

لكن الخيارين البديلين، بتفعيل حكومة تصريف الاعمال ومن ثم الذهاب الى تعديلات دستورية لتحديد الضوابط في عملية التكليف والتأليف الحكوميين، دونهما صعوبات كثيرة. فرئيس حكومة تصريف الاعمال الدكتور حسان دياب لم يجرؤ حتى الآن على عقد جلسة لمجلس الوزراء للبحث في الكوارث التي حلّت بالبلد، متحاشياً حمل كرة النار التي يتهيّبها منذ استقالته، علماً انّ تفعيل الحكومة المستقيلة يتطلب تعديل الدستور، لجهة ان تمارس الحكومة المستقيلة صلاحياتها كاملة الى حين تأليف الحكومة الجديدة، وليس تصريف الاعمال في الاطار الضيّق، وهو أمر ليس سهل التحقيق لكثير من الاسباب السياسية التي تعوق الاتفاق على تعديل من هذا النوع.

اما تحديد الضوابط أو المِهَل للتأليف، حتى اذا انقضت دون حصوله، يصبح الرئيس المكلّف معتذراً حكماً، فهو امر يتطلب ايضاً تعديلات دستورية دونها عقبات سياسية وطائفية، وهي عندما طُرحت في مؤتمر الطائف تصدّى لها الرئيس الراحل صائب سلام ومعه نواب آخرون من بيئته وبيئات أخرى، رفضوا تقييد الرئيس المكلّف بمهلة تجعله تحت رحمة موقف رئيس الجمهورية، بحيث أنّ الأخير اذا اجرى الاستشارات النيابية الملزمة للتكليف وجاءت نتائجها بتسمية شخصية لا يؤيّدها، او في حال اختلف معه على التشكيلة الوزارية، يمكن في هذه الحال ان يعطل التأليف برفض ما يُعرض عليه من تشكيلات، لتنتهي مهلة التأليف ويصبح الرئيس المكلّف في حكم المعتذر.

في اي حال، يقول بعض «الطائفيين» (نسبة الى اتفاق الطائف)، انّ هاتين المسألتين هما ثغرتان من الثغرات التي انطوى عليها اتفاق الطائف والدستور الذي انبثق منه، والتي يفترض ان تُعالج كلها بتعديلات دستورية متوازنة تجري في اجواء وفاقية وتوافقية، بحيث يقبل بها الجميع، سواء كانوا طوائف او قوى سياسية، خصوصاً في هذا الزمن الذي تحولت فيه كل مواقع السلطة والادارة العامة إقطاعيات طائفية وسياسية، تعوق اقامة الدولة المدنية التي تصبح الكفاية الأساس في تولّي المسؤولية الدستورية او الوظيفة العامة، بعيداً من الطائفية المقيتة التي تفرّق بين اللبنانيين.

المصدر: الجمهورية