22-نوفمبر-2024

كتب محمد شقير في الشرق “الشرق الأوسط”:

تميزت الزيارة الثانية للممثل الخاص للرئيس الفرنسي إلى لبنان وزير الخارجية السابق جان إيف لودريان، عن زيارته الأولى لبيروت بأنه حذر للمرة الأولى باسم اللجنة الخماسية، كما نقل عنه مصدر سياسي بارز، من التلكؤ في انتخاب رئيس للجمهورية لما يترتب من عقوبات على الذين يثبت ضلوعهم في تعطيل انتخابه بتطيير النصاب على غرار ما حصل في جلسات الانتخاب السابقة، ودعا الكتل النيابية إلى عدم تفويت الفرصة والإفادة منها لإنهاء الشغور في رئاسة الجمهورية لأن عامل الوقت لم يعد لصالح لبنان، كونه ليس مدرجاً على جدول أعمال المجتمع الدولي بسبب اهتماماته الأخرى.

وذكر لودريان أن عودته في أيلول المقبل إلى بيروت، ستكون مخصصة لإيجاد مساحة مشتركة للكتل النيابية للوصول إلى توافق يتعلق بالمواصفات التي يجب أن يتمتع بها رئيس الجمهورية والمهام المطلوبة منه، وقال للذين التقاهم، كما ينقل عنه المصدر السياسي لـ«الشرق الأوسط”، إن أمامهم 6 أسابيع لانتخاب الرئيس، وإلا فإن اللجنة الخماسية ستضطر إلى إعفاء نفسها من المهمة التي أخذتها على عاتقها لمساعدة لبنان لوقف الفراغ في رئاسة الجمهورية.

ولفت المصدر نفسه إلى أن لودريان كان صريحاً لأقصى الحدود بقوله لرؤساء الكتل النيابية إنه «ليست هناك جهة خارجية يمكن أن تنوب عن اللجنة الخماسية المؤلفة من الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا والمملكة العربية السعودية ومصر وقطر في مسعاها لإنقاذ بلدكم”، وقال إن مجرد انسحاب اللجنة الخماسية يعني عدم وجود خطة (ب) يمكن أن تحل مكانها.

وإذ شدد لودريان، حسب المصدر السياسي، على أنه لم يأتِ إلى بيروت لفرض أو تعيين رئيس للجمهورية الذي هو من اختصاص البرلمان، أكد في المقابل أن الكتل النيابية تقف أمام فرصة أخيرة يتوجب عليها توظيفها بانتخاب رئيس طبقاً للمواصفات التي رسمتها اللجنة الخماسية، وأنْ لا حوار يسبق انتخابه.

ونصح الكتل النيابية بعدم دفع المجتمع الدولي إلى اليأس من القوى السياسية المعنية بانتخاب الرئيس التي يُفترض أن تتحمل مسؤولياتها لئلا تفقد آخر ما تبقى من اهتمام بلبنان. ورأى، كما ينقل عنه المصدر السياسي، أن هناك ضرورة لتجاوز الانقسام الحاد بحثاً عن قواسم مشتركة قاعدتها التوافق على مواصفات الرئيس والمهام التي تلي انتخابه.

ومع أن لودريان تجنّب الدخول في أسماء المرشحين من جهة وفي الاتصالات التي تجريها قطر مع إيران أو تلك التي تتولاها باريس، فإنه لم يأتِ على ذكر الحوار واستبدل به عقد اجتماع عمل بين الكتل النيابية فور عودته إلى بيروت، من دون أن يحسم مكان انعقاده سواء في قصر الصنوبر، مقر السفارة الفرنسية في بيروت أو في مكان آخر، مع تأكيده أنْ لا مجال لنقل مكانه إلى خارج لبنان.

كما طوى لودريان صفحة المبادرة الفرنسية بقوله إنه لا يريد تعيين أو فرض رئيس على اللبنانيين، مع تأكيده أنه يعبّر عن موقف اللجنة الخماسية التي فوضته لهذه المهمة التي تلقى كل الدعم من الرئيس إيمانويل ماكرون.

وأوضح لودريان رداً على أسئلة عدد من رؤساء الكتل النيابية حول تأخير موعد انعقاد اجتماع العمل إلى سبتمبر، بقوله إنه يودّ أن يعطي فرصة من الوقت لعل القوى السياسية تستفيد منها للوصول إلى قواسم مشتركة تبقى تحت السقف الذي رسمه بالنيابة عن اللجنة الخماسية ويدور حول المواصفات والمهام ولا يتصل بتشكيل الحكومة العتيدة.

ورأى لودريان، كما ينقل عنه المصدر، أن لا مانع من أن يتفرع عن اجتماع العمل اجتماعات ثنائية أو ثلاثية أو رباعية يمكن أن تدفع باتجاه التوصل إلى قواسم مشتركة، وأكد رداً على أسئلة عدد من رؤساء الكتل النيابية بأن رئيس المجلس النيابي نبيه بري تعهد أمامه عندما التقاه بدعوة البرلمان للانعقاد لانتخاب رئيس للجمهورية فور التوافق على المواصفات والمهام من دون أن يحسم ما إذا كان سيدعو إلى جلسات مفتوحة إلى حين انتخاب الرئيس.

وكشف عن أن معظم ممثلي قوى المعارضة ومعهم نواب التغيير (ميشال الدويهي، ووضاح الصادق، ومارك ضو) أثاروا مع لودريان ضرورة عدم التعميم في استخدام سلاح العقوبات لأنه من غير الجائز المساواة بين من يسهّل انتخاب الرئيس ومن يعرقل انتخابه، في إشارة إلى محور الممانعة بتطييره النصاب في جلسات الانتخاب الثانية.

وطلب لودريان، كما يقول المصدر، أن تُعد قوى المعارضة ورقة تتضمن وجهة نظرها حيال المواصفات والمهام، وأنه من الأفضل أن يتسلمها في غضون أيام عدة ليكون في وسعه، قبل أن يعود إلى بيروت، النظر في أوراق العمل الخاصة بالكتل النيابية لعله يتوصل إلى صياغة ورقة موحدة يحملها معه في زيارته الحاسمة والأخيرة.

لكنّ قوى المعارضة ومعها النواب الدويهي وصادق وضو طلبوا إمهالهم بعض الوقت إفساحاً في المجال أمم عقد لقاءات بدأت مساء أمس، تُخصَّص لإعداد ورقة عمل موحدة، مع أن لودريان أبلغهم بأنه تسلم من الكتل النيابية المؤيدة لترشيح رئيس تيار «المردة” النائب السابق سليمان فرنجية، ورقة العمل التي تحمل وجهة نظرها حيال العرض الذي تقدم به، رغم أن تسلمه لها سبق اجتماعه برئيس كتلة «الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد، ما يعني، كما يقول مصدر في المعارضة، أن بري كان وراء إعدادها بالتشاور مع «حزب الله” وحلفائه، خصوصاً أنه التقاه أمس للمرة الثانية لتقويم ما آلت إليه الاجتماعات لإعادة تحريك الملف الرئاسي.