29-أبريل-2024

كتبت ندى أيوب في “الأخبار”:

انتهت وزارة الخارجية والمغتربين من إعداد مشروع مناقلاتٍ للفئة الثالثة، يقضي باستدعاء حوالي 30 دبلوماسياً موزّعين على عددٍ من البعثات إلى الإدارة المركزية في بيروت، مقابل إيفاد العدد نفسه من الدبلوماسيين العاملين في الوزارة ليحلّوا مكانهم في الخارج. وذلك بهدف تخفيف الضغط المادي عن العاملين في بيروت. والذين لا تتجاوز رواتبهم اليوم ما قيمته الـ70 دولاراً، وهي سترتفع تلقائياً لتتجاوز سبعة آلاف دولار بحسب البعثة التي سيلتحقون بها. وتفيد معلومات “الأخبار”، بأنّ القرار وُقّع من قبل وزير الخارجية عبدالله بوحبيب والأمين العام لوزارة الخارجية السفير هاني شميطلي، ثم حمل موافقة استثنائية لرئيس الحكومة نجيب ميقاتي، ثم أُحيل إلى مجلس الخدمة المدنية لإبداء الرأي، ليصبح بعدها القرار نافذاً.

معروف أنه منذ اندلاع الأزمة الاقتصادية في البلاد، تراجعت الأوضاع المادية للعاملين في القطاع العام، ومنهم العاملون في وزارة الخارجية. وبعد تعثّر العمل الوزاري والحكومي خلال السنوات الأربع الماضية، لم يحصل أن تمّت التشكيلات والمناقلات بحسب ما تقتضيه الأصول، وظلّت الخلافات السياسية تطيح كل مشروع لهذه التشكيلات.
وبعد سلسلة احتجاجات قدّمها دبلوماسيون من الفئتين الأولى والثانية، بقيت معالجة أوضاعهم متعثّرة، وكانت الوزارة تلجأ إلى إرسال بعضهم في بعثات خارجية تساعدهم على تحسين أوضاعهم المادية. لأن التشكيلات للفئتين الأولى والثانية تتطلب قراراً من مجلس الوزراء. أما العاملون في الفئة الثالثة الذين مضى على خدمتهم في الوزارة قرابة أربع سنوات، وبات يحقّ لهم وفق أحكام النظام الداخلي الالتحاق ببعثات خارجية. فوضعهم الإداري مختلف، وهم أيضاً من الذين نفّذوا احتجاجات واعتكافات عدة.

وبناءً عليه، وبحسب صلاحياته الإدارية، قدّم الأمين العام للوزارة اقتراح المناقلات، مع مراعاة القيد الطائفي. وبعد توقيع بوحبيب أحيل القرار إلى رئاسة الحكومة التزاماً بالتعاميم الصادرة حول ضرورة أخذ الوزراء موافقة استثنائية على قراراتهم الإدارية في ظل حكومات تصريف الأعمال. وهي موافقة جرت العادة أن تحمل توقيع رئيسي الجمهورية والحكومة، أما في ظلّ الشغور الرئاسي راهناً، فيصار إلى توقيعها حصراً من قبل ميقاتي.

قرار المناقلات أثار جدلاً، وأبرز الاعتراضات سجّله «التيار الوطني الحر» و«حركة أمل». ويأخذ التيار على بوحبيب عدم التنسيق معه قبل السير بقراره، انطلاقاً من كونه محسوباً من حصة “التيار” في الحكومة. أما في العمق، فإن الرفض هو للمشروع من أساسه، إذ إنّ “التيار” لا يريد تمرير أيّ نوعٍ من التعيينات بغياب رئيسٍ للجمهورية، نظراً إلى ما يعتبره مساً بالصلاحيات. فيما تُفيد المصادر بأنّ اعتراض «حركة أمل»، هو على عدم تلبية مطلبها باستثناء دبلوماسيين شيعة من عملية المبادلة. بمعنى آخر، تُريد الإبقاء على دبلوماسيين شيعة محسوبين عليها في الخارج، وفي الوقت عينه إلحاق الدبلوماسيين الشيعة في الوزارة بالبعثات.

بعيداً عن الحسابات السياسية، ذات الطابع النفعي، فإن الدبلوماسيين المعنيين بالقرار والموجودين في الخارج (43 دبلوماسياً من دفعة 2016)، يعترضون من زاوية أن غبناً سيلحق بهم بمجرّد عودتهم إلى الإدارة المركزية وتراجع رواتبهم. وتحدّث بعض هؤلاء عن دراسة سبل مواجهته قانونياً وإدارياً، وأحد خياراتهم هو الطعن أمام مجلس شورى الدولة. ويتحصّن هؤلاء بأحكام النظام الداخلي لوزارة الخارجية التي حدّدت مدة مهام الفئة الثالثة في الخارج بسبع سنوات. وفي حالتهم، لم يمضِ منها إلا أربع، طارحين تشكيل زملائهم في الوزارة مكان 20 دبلوماسياً من دفعة عام 2017 تنتهي مهامهم في الخارج العام المقبل. من منطلق أن «حلّ أزمة البعض، وتلبية مطالبهم المحقّة بالالتحاق بالبعثات لا يمكن أن يحصلا على حساب خلق أزمة لآخرين لم تنته مهامهم»، وأنّ قراراً مثل هذا سيحدث «شرخاً» لـ«عدم احترامه مبدأ المساواة» بين الدبلوماسيين من الدورة عينها، بما أن 30 فقط من أصل 43 سيعودون إلى بيروت.

بالمقابل، تدافع وزارة الخارجية عن قرارها المُسند وفق مصادرها، إلى نصّ قانوني ضمن النظام الداخلي «يمنح الوزارة الحق في إجراء المناقلات في أي وقت كان، من وإلى الإدارة المركزية دون تعليل ذلك»، خاصة أنّ مناقلات الفئة الثالثة لا تحتاج إلى موافقة مجلس الوزراء، إنما تندرج في إطار القرارات الإدارية للوزير منفرداً. إضافة إلى تفسيرها لمعنى تصريف الأعمال بإطاره الضيق بأنه ينطبق على عمل الحكومة مجتمعة، وليس على عمل كل وزير في نطاق تسيير عمل وزارته إلا بشرط الموافقة الاستثنائية. وترى «الخارجية» أن خطوتها، «تنصف الدبلوماسيين وتحول دون نزوحهم من الإدارة إلى أعمال أخرى، ضمن حدود القدرات المالية المتاحة، وعدم تحميل خزينة الدولة أعباء إضافية».