22-نوفمبر-2024

جاء في “الراي”:

على منوالِ التقليد اللبناني بالتوافق على «ربْط النزاع» عند تَعَذُّرِ حلّ المشكلات بين طرفيْن أو أكثر، يتواصل العمل على إنضاجِ تسويةٍ تكفل احتواء الكباش المصرفي مع بعض الجهات القضائية، وبما يمهّد لتهدئةٍ متوازنة تبرّر عودةَ المصارف إلى العمل بالصيغة السابقة للإضراب العام الذي نفّذتْه في الاسبوعين الماضييْن.

ووفق متابعاتٍ لمسؤول مصرفي، فإن عمليةَ نسْج التفاهمات التي سيؤول نجاحُها المرتقب إلى فك الاضراب، تجري برعايةٍ مباشرة من رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي الذي فوّضَ الجانبَ القضائي من المَهمة إلى رئيس مجلس القضاء الأعلى سهيل عبود ومدعي عام التمييز غسان عويدات، فيما يتولى شخصياً وعبر عدد من مستشاريه التنسيقَ مع كبار المصرفيين ومكاتبهم القانونية.

وبالفعل، فإن المفاوضات مستمرّة بايقاع يتسم بالايجابية من طرفيْ النزاع، ويؤمل تتويجها بتوافق مَرِنٍ ومُرْضٍ لكليهما خلال عطلة نهاية الأسبوع، بعدما حققتْ تقدّماً أولياً في هدفها الأول والقاضي بسعيهما معاً إلى تبريد حماوة الخلافات بين المصرفيين والنائب العام الاستئنافي في جبل لبنان القاضية غادة عون، وهو ما تمت ترجمته فورياً بإرجاء مواعيد استجواباتٍ وطلبات قضائية إلى منتصف الأسبوع المقبل، وفي المقابل عدم ممانعة المصارف الاستجابة للطلبات القضائية ضمن مسارٍ يراعي الأصولَ المعتمَدة في مثل هذه القضايا الحسّاسة بطبيعتها.

وفي المعطيات التي تحقّقت «الراي» من فحواها عبر التواصل مع مصادر مصرفية معنية، يتولى فريقٌ من محامي المصارف وجمعيتهم، وفي مقدّمهم المحامي صخر الهاشم، عمليةَ التفاوض المباشرة مع المرجعيات القضائية المعنية ضمن أجواء تتسم بالإيجابية الحذرة، توخياً لتصويبِ بعض الممارسات التي تُرافِقُ الملاحقات القضائية، ولا سيما لجهة مواكبتها بمبالغاتٍ إعلامية تمس بقرينة البراءة إزاء بعض الادعاءات أو الشكاوى المؤذية للكيانات المصرفية، وليس لأشخاص إدارتها ومساهميها حصراً، وخصوصاً لجهة استخدام وصف «الجرائم المالية» وتبييض الأموال.

ومع تَوالي تأكيدات الاستجابة المصرفية لطلبات القضاء، أكد المسؤول المصرفي لـ «الراي» ان مشروعية التوجس من الاستهداف المُمَنْهَج تقوم فعلياً على قرائن متزامنة تزخر بإشارات «الريبة».

ففي الأساس تَجْري «الملاحقاتُ» من جهةٍ قضائية ذات ارتباطاتٍ سياسية غير خافية على أحد، وبالمثل يتم «انتقاء» بعض المصارف وليس جميعها من المُشارِكين في الهندسات المالية التي جرت مع البنك المركزي.

ثم يَجْري تنظيم تحركات باسم جمعيات مودعين تتعمّد الإضرار بممتلكات مصرفية ( فروع تابعة) أو بأملاك شخصية تعود لمصرفيين.

ويُثْني المسؤول على استنتاجاتِ الاجتماع الأمني الموسع في السرايا الحكومية (الجمعة) في أعقاب محاولات حرق بعض الفروع المصرفية، والتي تتفق تماماً مع هذه الهواجس المتكاثرة في أوساط المصرفيين.

ولعل الترجمة النموذجية تكمن في الاشارة المرمّزة لرئيس الحكومة الذي صارح المجتمعين بقوله «كأن هناك فقسة زر في مكان ما»، سائلاً عما إذا «كان هؤلاء من المودعين أم أن هناك إيعازاً ما، من مكان ما، للقيام بما حصل؟»، ليستنتج «أن جهةً ما مستفيدة تسعى إلى إغراق لبنان بالفوضى لهدفٍ لم يَعُدْ خفياً على أحد».