كتب فؤاد بزّي في “الأخبار”:
يكاد غضب الأساتذة يُترجم إقفالاً تاماً للمدارس الرسمية، فغليانهم وحنقهم واضحان في الممرّات، بين الصفوف. فالوعود الكثيرة التي يتلقّونها لا تُترجم أموالاً، والعام الدراسي يمرّ ببطء على أجسادهم، فيما يمنعهم أملهم بتغيير يعيد إليهم بعضاً من كرامة الحياة من رمي ورقة الاستقالة. الواقع الذي يعيشونه يضعهم أمام خيارات لم يعتادوا القيام بها، كأن تفضّل إحدى المعلّمات شراء الدواء على تعبئة الوقود لسيارتها للوصول إلى المدرسة. تعترف أنّها وقفت للحظات أمام باب الصيدلية ومحطة البنزين وأجرت مفاضلة بينهما، قبل أن تحسم خيارها معلنة صراحةً أنّها بعد هذا الموقف الذي عاشته، لن تذهب مجدّداً إلى المدرسة، فهي لا تستطيع أن تصل إليها.
زيارات وبيانات
…وفي ظلّ ظروف مماثلة يعاني منها قطاع الأساتذة بشكل كامل، يخرج بيان عن روابط التعليم (أساسي، ثانوي ومهني)، بعد اجتماعهم مع وزير التربية يوم الثلاثاء الماضي، لا يسمن ولا يغني من جوع. يجد الأستاذ نفسه أمام وعود من الوزير، وأمانٍ من الروابط، وتبريكات للأساتذة بصدور الموازنة بعد انتظار دام شهراً لعدم توقيعها من قبل رئيس الجمهورية. لا جديد تحت الشمس، ولا أموال في حسابات الأساتذة غير ملايين ثلاثة أُنفقت قبل نهاية الأسبوع الأول من الشهر. وأكثر ما يعبّر عن حال الأساتذة تجاه روابطهم هو الرسائل الصوتية المرسَلة إلى رؤساء الروابط يسألون فيها إن كانوا لا يزالون على قيد الحياة، أو في مناصبهم النقابية، أو يعلمون ما يجري على الأرض حقاً!
الرابطة روابط
تنخر الخلافات روابط التعليم، فلا اجتماعات لرابطة التعليم الثانوي منذ انطلاق العام الدراسي تقريباً، أي منذ بداية شهر تشرين الأول. تذهب رئيسة الرابطة لحضور الاجتماعات في الوزارة من دون إبلاغ بقية مكوّنات الهيئة الإدارية الذين صاروا يعرفون من وسائل الإعلام ما يجري. رابطة التعليم الثانوي أضحت روابطَ، كلّ جزء منها يرى الحلّ بشكل معيّن، منهم من يطرح جدياً تخفيضاً للدوام على قدر راتب الأستاذ، وآخر يريد الذهاب نحو الإضراب، أما الجزء المسيطر فيؤمن بتقطيع الوقت.
في المقابل، يؤكّد حيدر خليفة، أمين سرّ الرابطة، والمشارك في لقاء الوزير يوم الثلاثاء الماضي “تحذير رابطة التعليم الثانوي للوزير حول مصير العام الدراسي، في حال عدم الوفاء بالوعود، وأهمّها الحوافز الاجتماعية المقدّرة بـ130 دولاراً، ووضعها لمسؤولية استمرار التدريس لدى الوزارة، لا الرابطة”. ويعيد خليفة الضبابية في تحديد تواريخ صرف الحوافز وكيفيته لـ”عدم ثقة الجهات المانحة بالدولة اللبنانية، وطريقة صرف الأموال” من جهة، و”عدم صدقية اليونيسف، وطلبها الكثير من المعاملات غير المبرّرة”. وعليه، “من المتوقع أن يصدر وزير التربية بياناً مكتوباً خلال هذا الأسبوع حول الحوافز، وذلك بعد اجتماعه مع رئيس الحكومة وممثل اليونيسف” وفق خليفة. أما النقطة المضيئة الوحيدة التي يمكن أن تساعد الأساتذة فكانت “تأكيد دوائر المالية في وزارة التربية على دفع كل المستحقات من رواتب إضافية، وفقاً للموازنة الجديدة، وبدلات نقل قبل نهاية شهر كانون الأول المقبل”