23-نوفمبر-2024

كتبت بولا أسطيح في “الشرق الأوسط”:

قرّر نواب حزب «الكتائب» وعدد من النواب «التغييريين» فتح كوة في جدار أزمة الانتخابات الرئاسية اللبنانية، من خلال طرح موضوع النصاب المطلوب في الدورات التي تلي الدورة الأولى، والتي يصر رئيس المجلس النيابي نبيه بري على أنه يستوجب تواجد 86 نائباً، فيما يعتبر عدد من النواب أنه يمكن الاكتفاء بتواجد 65 نائباً في الدورة الثانية وكل الدورات التي تليها.

وسأل أكثر من نائب رئيس البرلمان، خلال الجلسة الخامسة التي دعا إليها، يوم الخميس الماضي، لانتخاب رئيس للجمهورية، عن المادة الدستورية التي يبني عليها للحديث عن نصاب 86 نائباً في كل الجلسات، دون أن يلقوا جواباً شافياً.

وقال رئيس حزب «الكتائب» النائب سامي الجميّل، بعد رفع الجلسة: «حاولنا مراراً داخل جلسة انتخاب الرئيس الاستيضاح من رئيس مجلس النواب بشأن المواد الدستورية التي استند إليها بموضوع احتساب النصاب دون جدوى»، مطالباً بجواب واضح «وإلا فإن النقاش سيتكرر في كل جلسة». وشدد على أن «المادة 49 لا تحدد نصاب الجلسة، ومن ثم كان يفترض أن تبقى الجلسات مفتوحة، وأن يبقى النواب في المجلس حتى انتخاب رئيس، بناء على المادتين 74 و75 من الدستور».
بدوره، قدّم النائب ملحم خلف مطالعة قانونية، خلال الجلسة، ذكّر فيها بمضمون المادة 49 التي تنص على أن «رئيس الجمهورية يُنتخب بالاقتراع السري بغالبية الثلثين من مجلس النواب في الدورة الأولى، ويكتفى بالغالبية المطلقة في دورات الاقتراع التي تلي»، لافتاً إلى أن «هذه المادة لم تنصَّ بصورة صريحة على النصاب المطلوب لانعقاد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية، بل اكتفت بتحديد الغالبية المطلوبة لانتخابه في دورة الاقتراع الأولى، وحدَّدتها بغالبية الثلثين من مجلس النواب؛ أي 86 صوتاً، من أصل 128 نائباً يشكلون المجلس النيابي، لينتقل المجلس إلى دورة ثانية وثالثة حتى ينال المرشح الغالبية المطلقة من الأصوات؛ أي 65 صوتاً». والدليل الواضح على ذلك، وفقاً للنائب خلف، عبارة «ويكتفى بالغالبية المطلقة في دورات الاقتراع التي تلي…».

وقال إن هذا يدل على أن المجلس النيابي يبقى منعقداً بحكم الدستور، و«لا يمكن رفع الجلسة إلا لفترة وجيزة من الوقت لتبدأ دورة الاقتراع التالية والثالثة والرابعة إلى ما لا نهاية حتى يتم انتخاب الرئيس». وطالب خلف بـ«إبقاء جلسة الانتخاب مفتوحة بدورات متتالية لا محدودة – حتى لو استوجب الأمر عدة أيام – حتى التوصل إلى انتخاب رئيس».
وينسجم موقف الجميل وخلف مع آراء عدد من الدستوريين؛ ومنهم رئيس مؤسسة «جوستيسيا» الحقوقية المحامي الدكتور بول مرقص الذي يؤكد أن «المادة 49 من الدستور لا تنص على نصاب، بل حصراً على غالبية الثلثين لانتخاب رئيس في الدورة الأولى، والغالبية المطلقة في الدورة الثانية وما يليها، وهي لا تأتي على ذكر النصاب»، لافتاً إلى أنه «إذا كان هناك في الدورة الأولى تماهٍ بين الغالبية والنصاب، ما دام المطلوب تصويت 86 نائباً، ومن ثم أن يكونوا حاضرين، فما لا نفهمه: لماذا في بقية الدورات التمسك بنصاب الـ86».
ويشير مرقص، في تصريح، لـ«الشرق الأوسط»: «التمسك بنصاب الـ86 نائباً في كل الدورات يعطي حجة لـ44 نائباً لتعطيل انعقاد مجلس النواب، وهنا نكون بصدد تعسف الأقلية، بدل تعسف الأكثرية واستعمال متكرر غير مشروع للنصاب في أمر جلل، بدل اللجوء إلى التنافس الديمقراطي بين الأكثريات».
ولم ينضمَّ باقي نواب المعارضة؛ أي «القوات» و«التقدمي الاشتراكي»، في جلسة الخميس، لدعم موقف «الكتائب» و«التغييريين»، ففيما اكتفى نائب في الحزب «الاشتراكي» بالقول، لـ«الشرق الأوسط»، إن «المطلوب أن تصبَّ أولاً كل أصوات المعارضة لمصلحة مرشح واحد، قبل المطالبة بنصاب الـ65 الذي لا يمتلكه أي مرشح، اليوم»، اعتبرت مصادر في «القوات»، أن «الإشكالية هي في تقصّد رئيس مجلس النواب إقفال الجلسة، ما يعيدنا لنصاب الدورة الأولى؛ أي إلى 86 صوتاً مع الدعوة لأية جلسة جديدة».

وأكدت هذه المصادر أن حزب «القوات» يؤيد الدعوة إلى «عدم اقفال الجلسة وعقد جلسة بدورات متتالية». وشددت هذه المصادر، في تصريح، لـ«الشرق الأوسط»، على أنه من «الأجدى بالنائب خلف ونواب (التغيير) الانضمام إلى مكوّنات المعارضة للتصويت للنائب ميشال معوض ليكون الضغط عملياً وغير نظري، فنفرض عندها الإيقاع الدي نريده وتصبح المبادرة الرئاسية لدينا».