12-مايو-2024

منذ اللحظة التي شن فيها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين غزوه غير المبرر لأوكرانيا، كان هناك شعور واضح بعدم الارتياح بين بعض القادة الغربيين من احتمال قيام القوات الأوكرانية بمهاجمة أهداف على الأراضي الروسية.

وبحسب صحيفة “ذا تليغراف” البريطانية، “في حين لم يظهر الروس أي مخاوف بشأن استهداف المدنيين والبنية التحتية الأوكرانية، فقد تم تثبيط الأوكرانيين بنشاط عن الرد بالمثل خوفًا من إثارة تصعيد أوسع في الصراع. هذا المنطق الملتوي يعني أنه على الرغم من استمرار روسيا في هجومها المستمر على الشعب الأوكراني، إلا أن الحلفاء الغربيين كانوا مترددين في توفير الأسلحة التي من شأنها أن تمكّن أوكرانيا من نقل القتال إلى روسيا”.

وتابعت الصحيفة، “إن توفير أنظمة الصواريخ الغربية البعيدة المدى هو مثال على ذلك. بعد إظهار بعض التردد، وافقت الولايات المتحدة وبريطانيا وحلفاء آخرون في النهاية على منح كييف صواريخ، مثل “هيمارس” الأميركية، ولكن بشرط أن يتم استخدامها فقط لاستهداف العمليات العسكرية الروسية في أوكرانيا. وقد أدى فرض مثل هذه القيود على هذه الأسلحة وغيرها إلى وضع الأوكرانيين في وضع غير مؤات مقارنة بأعدائهم الروس”.

وأضافت الصحيفة، “ما من أحد يدعو إلى لجوء الأوكرانيين إلى ارتكاب جرائم حرب، كما فعل الروس مرارًا وتكرارًا خلال العام الماضي، وذلك من خلال استهداف المدنيين الروس. لكن عددًا من الحوادث الأخيرة تشير إلى أن القادة الأوكرانيين لم يعودوا مستعدين لتحمل القيود التي يفرضها عليهم حلفاؤهم الغربيون، ويسعون إلى نقل القتال إلى ما وراء حدودهم. في نهاية الأسبوع، عانت موسكو من الإذلال بسبب تفجير طائرة تجسس بقيمة 274 مليون جنيه إسترليني في بيلاروسيا، على يد أنصار بيلاروسيين موالين لأوكرانيا. ثم تم الإبلاغ عن هجوم بمسيرة أوكرانية هذا الأسبوع على منشأة غاز في ضواحي موسكو، على بعد مئات الأميال خلف الخطوط الروسية”.

وتابعت الصحيفة، “إن أعمال التخريب هذه متواضعة مقارنة بالقصف المستمر الذي يمارسه الروس ضد البنية التحتية لأوكرانيا. لكن مع دخول الحرب منعطفًا حرجًا، من الواضح أن أوكرانيا تسعى إلى توسيع عملياتها، وهو تطور ينبغي أن يشجعه حلفاؤها الغربيون، لا أن يسعوا لإعاقته. رغم كل محاولات بوتين لتصوير الصراع على أنه نضال وطني عظيم، فإن الحقيقة هي أن الحرب لا تزال تسير بشكل سيء للغاية بالنسبة للزعيم الروسي”.

وبحسب الصحيفة، ” مع وصول عدد القتلى والجرحى الروس إلى 200 ألف، تشير التقديرات إلى أن موسكو عانت من عدد القتلى في القتال أكثر مما عانت منه في كافة الحروب التي خاضتها منذ الحرب العالمية الثانية. علاوة على ذلك، من المرجح أن يرتفع هذا الرقم بشكل كبير إذا استمر بوتين في التضحية بأرواح عشرات الآلاف من المجندين الجدد من خلال اللجوء إلى التكتيكات التي شوهدت آخر مرة في ساحات القتال الملطخة بالدماء في الحرب العالمية الأولى. في الأسابيع الأخيرة، عندما شنت القوات الروسية هجومًا مضادًا للاستيلاء على مدن رئيسية في شرق أوكرانيا مثل باخموت، يُعتقد أنها فقدت 40 ألف جندي”.

وتابعت الصحيفة، “ومع ذلك، مع عدم ذكر وسائل الإعلام الروسية الخاضعة لسيطرة الدولة الحجم الحقيقي للخسائر، فإن الجمهور الروسي غير مدرك للمدى الحقيقي للكارثة التي حلت ببلدهم. إذا كان الشعب الروسي قد فهم حقًا حجم الكارثة التي تواجه بلدهم، فمن غير المرجح أن يتسامحوا مع تصرفات رئيسهم، أو عدم كفاءة قادته العسكريين. فمن خلال أخذ الحرب إلى أعماق حدود روسيا، يظهر الأوكرانيون للشعب الروسي أن ما يسمى بـ”العملية العسكرية الخاصة” لبوتين لن تسير بالشكل الذي يريدون اعتقاده”.

وختمت الصحيفة، “مثل هذه الاستراتيجية لا تخلو من المخاطر. لقد أثبتت الجهود الروسية لإحباط معنويات الشعب الأوكراني من خلال مهاجمة البنية التحتية للبلاد باستمرار نتائج عكسية، حيث إنها لم تؤد إلا إلى تقوية عزيمة الأوكرانيين. ولكن إذا كان لأوكرانيا أن تنتصر في نهاية المطاف في الصراع، فإن الشعب الروسي بحاجة إلى فهم أنه على الرغم من ادعاءات بوتين عكس ذلك، فإنهم يخوضون حربًا ليس لديهم فرصة للانتصار فيها”.