13-مايو-2024

كشف تحليل أجرته مجلة “فورين بوليسي” الأميركية عن ارتفاع أصوات المعارضة من الداخل الروسي للرئيس فلاديمير بوتين، بعد مرور أكثر من عام على الحرب التي تشنها بلاده على أوكرانيا.

وبحسب التقرير، فإنّ الانتقادات النادرة التي وجهت لبوتين تركز في الأساس على أن خطة الهجوم على أوكرانيا “انحرفت عن مسارها”، لكنها لم توجه إلى الحرب ذاتها.

وقالت “فورين بوليسي” إنّ الاعتقاد السائد في روسيا كان أن الهجوم العسكري سيحقق أهدافه في غضون فترة قصيرة، مع استبعاد أن يتحول إلى حرب مفتوحة غير مضمونة النتائج كما هو الحال الآن.

وفي خطاب طويل ألقاه الأسبوع الماضي، لم يتحدث بوتين عن سبب استمرار “العملية العسكرية الخاصة” كما تسميها موسكو، وبدلاً من ذلك دعا الروس إلى “الاستعداد لمسافات طويلة”، في إشارة إلى أن وقت انتهاء الحرب لا يبدو واضحا في الأفق.

لكن يبدو أن الخسائر الميدانية غير المتوقعة التي تكبدتها القوات الروسية في العتاد والجنود، رفعت أصوات انتقادات علنية غير معتادة ضد بوتين، حتى لو كانت الحرب لا تمثل بأي حال من الأحوال تهديدا وجوديا لموسكو.

ويميل المنتقدون، وهم من حلفاء بوتين في الأساس، إلى أن الجيش لم يكن حاسما بما يكفي في الحرب، وربما لم يكن بمقدوره إنهاءها سريعاً كما توقعوا، مما أدى إلى إطالة أمدها، محملة بأضرار اقتصادية باهظة لروسيا والعالم.

ومن أبرز المنتقدين يفيغيني بريغوزين قائد مجموعة فاغنر العسكرية الخاصة، والرئيس الشيشاني رمضان قديروف، والقائد العسكري البارز إيغور جيركين.

وتقول “فورين بوليسي” إن انتقادات هؤلاء ربما تكون مدفوعة بطموح شخصي، إلا أن وجهات نظرهم تعكس اعترافا بأن الحرب لم تسر وفق الخطة الموضوعة.

“فاغنر” في خطر

وصرّح بريغوزين علناً أن وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو ورئيس الأركان فاليري جيراسيموف “أوقفا عمدا إمدادات الذخيرة لمجموعة فاغنر الذين يقاتلون في باخموت”، المدينة الواقعة شرقي أوكرانيا التي تشهد معارك طاحنة.

كذلك، اتهم بريغوزين الجيش الروسي بنسب الفضل إلى نفسه في التقدم الذي أحرزته مجموعة “فاغنر” ببلدة سوليدار الأوكرانية، وهو أول نجاح ميداني للروس منذ أشهر.

وتقول المجلة الأميركية إنّ بريغوزين يسعى بشكل متزايد للحصول على دور كشخصية عامة في روسيا مستغلاً قربه من الكرملين، ودخول عالم السياسة لا الاقتصار على مهمته كقائد لمجموعة عسكرية خاصة.

ويرى خبراء ومحلّلون سياسيون، حسبما قالوا لـ”فورين بوليسي”، أن بريغوزين شعر مؤخراً بأنه “لا غنى عنه بالنسبة لبوتين”، ويقدّم نفسه على أنه “الوجه البطولي للحرب”، و”يعلم أن الرئيس الروسي يحتاجه الآن أكثر من أي وقت مضى”.

وأشارت الزميلة في معهد رويال يونايتد للخدمات في أوروبا جوانا دي ديوس بيريرا، إلى ما اعتبرته “نهج بريغوزين الفريد”، حيث قالت: “يفعل ما لم يفعله أحد في الدوائر العليا حتى الآن. إنه يزور أسر القتلى والجرحى ويتصرف كسياسي، ويقدم نفسه كوجه وطني خلال الحرب. هذه حيلة سياسية لا أعتقد أن الكرملين كان يفكر فيها”.

“على أعتاب الكرملين”

واعتبرت أن قائد مجموعة “فاغنر” يريد زيادة نفوذه السياسي والدخول إلى الكرملين، مشيرة إلى أن “النخبة لن تقبل ذلك أبدا”.

من جهة أخرى، قالت غلناز شرفوتدينوفا أستاذة السياسة الروسية بمعهد روسيا في “كينغز كوليدج”، إن صعود القادة الذين يديرون رجالاً مسلحين خارج هيكل الدولة في روسيا “يهدد مؤسساتها”.

وأضافت: “هذا مزعزع للاستقرار لأنه يعكس فشل الدولة”.

وأوضحت الأكاديمية الروسية: “رغم أن بريغوزين لا يمثل تهديداً لبوتين في الوقت الحالي، فإنّ ظهوره المتزايد يثير قلقاً في موسكو”.

واعتبر رجل الأعمال الروسي المنفي الناشط المعارض ميخائيل خودوركوفسكي، أن سعي بريغوزين للصعود “يزعج ويغضب الشخصيات المؤثرة الأخرى في محيط بوتين، بل الرئيس نفسه”.

مطالب بتغيير الاستراتيجية

أما قديروف المقرب من بوتين، فقد قال في أيلول الماضي في رسالة على “تلغرام”، إنه “إذا لم يتم إجراء تغييرات في استراتيجية الحرب اليوم أو غداً، فسأضطر للتحدث مع قيادة البلاد ووزارة الدفاع لشرح الوضع الحقيقي على الأرض”.

ويلعب قديروف دوراً مهماً في الحرب، فهو داعم سياسي وعسكري كبير لبوتين، ويرسل قواته إلى المناطق التي أعلنت موسكو ضمها بهدف مساعدة الروس في إحكام السيطرة عليها.

وتقول محللة الشؤون الروسية في معهد دراسة الحرب كاترينا ستيبانينكو لـ”فورين بوليسي”، إن قديروف “مدفوع بمصالح (…) هو يرغب في توسيع نفوذه وجعله مسؤولاً عن المناطق التي تسيطر عليها روسيا”.

وفي السّياق ذاته، انتقد جيركين، وهو عسكري روسي بارز ووزير دفاع سابق في جمهورية دونيتسك الشعبية التي نصبت نفسها بنفسها ولم تحظ باعتراف دولي، ما قاله بوتين في كانون الأول الماضي بأن الهجوم العسكري “مستقر”.

وسبق أن نسبَ جيركين الفضل لنفسه في الهجوم الروسي على شبه جزيرة القرم الأوكرانية الذي أسفر عن ضمها لموسكو عام 2014، قائلاً إن ذلك كان نتيجة عمليته في مدينة سلوفيانسك الأوكرانية. (سكاي نيوز عربية)