كتبت “الحرة”: كثفت القوات الروسية خلال الأيام الأخيرة، ضرباتها على هولييابول وباقي البلدات الأوكرانية المجاورة مدينة زاباروجيا، جنوب وسط البلاد، على ضفاف نهر دينبرو.
وأعلنت القوات المسلحة الروسية، الأحد، أنها شنت هجوما جديدا في منطقة زابوريحيا، إلا أن الجنود الأوكرانيين بدوا غير منزعجين لهذه الضربات، حيث لم يتحرك خط المواجهة الأول في هذه المنطقة منذ 10 أشهر، ويبقى الروس عاجزين عن التقدم في خنادقهم، بحسب “الغارديان”.
ويقول الرقيب الأول في لواء ماريوبول 56 الأوكراني، فيتالي، إن الأسبوعين الماضيين “عرفا زيادة في الضربات الروسية عبر المدفعية والدبابات، لكن دون أن تتحرك قوات المشاة”.
ومع ذلك، يقر العسكري الأوكراني، بأن خط المواجهة الثابت، قد يشهد تغيرات مع توالي الأيام، كاشفا أن عدد القذائف والصواريخ التي استهدفت هذا الجزء من الجبهة الجنوبية قد تضاعف هذا الشهر إلى 4000 في اليوم.
ورجح خبراء عسكريون أن يتحرك أحد الأطراف محاولا كسر حالة الجمود، خلال الأشهر القليلة المقبلة، غير أن السؤال يبقى: من سيضرب أولا وأين؟.
“المعركة قادمة”
يقول فيتالي: “المعركة الكبرى قادمة هذا الربيع، أو حتى قبل ذلك”.. وسواء وصلت إلى هنا أو كانت في مكان آخر على طول خط المواجهة الذي يبلغ طوله 1200 كلم، فمن المتوقع “أن تندلع أشد مراحل الحرب ضراوة حتى الآن”.
في انتظار ذلك، يستغل كلا الجانبين الوقت الحالي لتعزيز دفاعاتهما، وحشد قواتهما استعدادا لأي هجوم محتمل من جبهات الحرب.
وتعمل روسيا على تقوية قواتها مع مساعي الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، إلى تحريك وتوجيه جهود اقتصاد بلاده نحو الصناعة الحربية، من أجل إنتاج دبابات وصواريخ جديدة.
ورأى العديد من المحللين أن خطوة الكرملين بتكليف فاليري جيراسيموف، على رأس الأركان العامة، للإشراف المباشر عن العمليات الأوكرانية، تنذر باستعداد موسكو لشن هجوم كبير، بعد أن انتهت المرحلة الأولى من الغزو بكارثة لقوات بوتين، مع خسائرها الكبيرة في الشمال وفي خاركيف وخيرسون، وفقا للغارديان.
ومثلت المرحلة الأولى من الغزو بحسب الصحيفة البريطانية “حرب استنزاف”، ضحى خلالها الكرملين بآلاف الجنود من أجل مكاسب استراتيجية صغيرة حول مدينتي باخموت وسوليدار، بالإضافة إلى الخسائر التي لحقت ترسانته الصاروخية التي استعملت في قصف البنية التحتية للطاقة بأوكرانيا.
وذكرت الصحيفة أن مرحلة جديدة من الحرب توشك على البداية، والتي ستشهد “معركة شاملة للحصول على ميزات حاسمة خاصة في المواقع الثابتة، التي ينضوي الهجوم عليها على مخاطر هائلة، سواء في الأرواح أو الآليات العسكرية”.
ويكشف خبراء عسكريون، أن “على القوة المبادِرة بالهجوم على مواقع ثابتة أن تكون أقوى بثلاث مرات لتنتصر”، وتزداد صعوبة تنفيذ هذه الهجمات مع تطور التكنولوجيا العسكرية، خاصة المسيرات والأقمار الصناعية، التي تسمح للقوات المدافعة أن تتوقع الهجوم بشكل استباقي.
ويبقى رهان الطرفين الروسي والأوكراني، على تشكيل قوى يمكنها تجاوز هذه الصعاب وتحقيق اختراقات في مواقع تمركز العدو.
وبحسب الغارديان، تطرح تساؤلات جدية، حول ما إذا كانت القوات الروسية قد تعلمت الدروس التكتيكية من “الفشل الذريع” لعملياتها خلال العام الماضي، وإذا ما كانت في حالة أفضل الآن لشن هجمات منسقة.
كبير محللي البنتاغون السابق في مجال القدرات العسكرية الروسية، دارا ماسيكوت، يرى أن “القدرة الروسية على المناورة الهجومية على نطاق واسع تواجه تحديا حقيقيا في الوقت الحالي”.
ويتابع في تعليقه للغارديان: “لقد حاولوا هذا، العام الماضي، ولم تسر الأمور على ما يرام، لأن القوات التي اعتمدوا عليها ليست محترفة، كما لم تكن المعدات جيدة”، إلا أن كل أسبوع يمر يعد فرصة أخرى للجيش الروسي لإعادة التدريب والاستعداد.
وبالنسبة للطرف الأوكراني، يسجل شعور متزايد بين قوات كييف، لأخذ زمام المبادرة والشروع في الهجوم أولا، واستباق الهجومات الروسية، لكن غياب الأسلحة اللازمة لاختراق مواقع الغازي الروسي “يتسبب لها في حالة إحباط”، رغم توصلها بإمدادات مهمة من حلفائها الغربيين، وفقا للصحيفة.
المدير المشارك ببرنامج العلاقات الخارجية والأمن الدولي في مركز أبحاث مركز رازومكوف في كييف، أوليكسي ميلنيك، قال للصحيفة إن أوكرانيا ستحاول الهجوم، حيثما رأت أن الخطوط الروسية “أضعف” وقد يكون ذلك خاصة في الشرق بلوهانسك حيث تكون قوات العدو أكثر استنفادا وإحباطا.
ويلفت تقرير الغارديان إلى أن هناك ثلاث جبهات يمكن أن تكون ساحة للمعارك الضارية في الأشهر القليلة المقبلة، ويمكن أن يكون حسم أي واحدة منها منعرجا حاسما لهذه الحرب.