23-نوفمبر-2024

كتب داود رمال في “أخبار اليوم”:

يُفترض ان يكون ملف تأليف الحكومة قد عاد الى مساره الطبيعي، بعد بيان مكتب الاعلام في رئاسة الجمهورية الذي حمل بين طياته رسائل ايجابية وعملية تصفير للتصعيد، والذي لاقاه مكتب الاعلام في رئاسة الحكومة بالمثل.

هذا التطور الايجابي الذي فرضته معطيات وعوامل متنوعة، ابرزها دخول ملف ترسيم الحدود البحرية الجنوبية مرحلة الحسم وفق “معادلات ردع” مع دخول حزب الله مباشر على الخط المواجهة، الامر الذي غيّر من وتيرة واسلوب التفاوض، ودفع الى تسريع الجانب الاميركي عملية التواصل المرجح ان تتكثف بعد اختتام الرئيس الاميركي جو بايدن زيارته الى المنطقة حيث يرافقه في عداد الوفد الرسمي مستشار الطاقة اموس هوكشتاين الذي سيبقى في المنطقة لعقد مزيد من اللقاءات مع احتمال كبير ان يقوم بزيارة الى بيروت.

وبعدما هدأت وتيرة “حرب البيانات الحكومية”، قال مصدر مواكب لوكالة “اخبار اليوم” ان “رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي عجّل في تقديم التشكيلة الحكومية الى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، اذ كان لا بد من جلسة جوجلة بين الرئيسين قبل رفع مسودة التشكيلة، وان ضيق الوقت الذي هو مبرر طبيعي لعجلة ميقاتي في اعداد صيغة اولية للتشكيلة الحكومية واعتمادة قاعدة للنقاش والبحث مع عون، الا انه في الشكل لا يستطيع تقديم تشكيلة حكومية فيها تعديلات في المذاهب وتغيير ثلاثة وزراء ادرجوا في حكومة تصريف الاعمال الحالية من حصة رئيس الجمهورية واضعا اياه امام امر واقع، مما دفع عون الى وضع ملاحظات اولية ابلغها الى ميقاتي قي اللقاء الثاني الذي جمعهما، وبعدها خرج كلام منسوب الى بعبدا والى السراي وسّع من دائرة التباين ورفع من منسوب التوتر، تلاها مواقف صدرت عن رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل اتبعها ميقاتي بمواقف من الديمان بعد لقائه البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي تخالف مبدأ الشراكة في تأليف الحكومة عندما ابدى الاستعداد لتعديل الصيغة التي قدمها بوزير او وزيرين”.

واوضح المصدر ان “اللقاء الثالث الذي كان مرجحا عقده قبل الدخول في عطلة عيد الاضحى المبارك، فانه لم يعقد كون وجهة نظر رئيس الجمهورية تقول بأنه طالما ليس هناك من جديد لجهة امكانية التصحيح والتعديل في التشكيلة الحكومية المقترحة، فانه لا جدوى من زيارة الرئيس المكلف بعبدا بعدما تحادث عون وميقاتي هاتفيا قبل سفر الاخير خارج البلاد لتمضية عطلة العيد، وبالتالي فان عون عبر البيان الذي صدر امس اكد على ثوابت التأليف ووضّح النقاط وترك الباب مفتوحا للقاء جديد، كون قصر بعبدا مفتوح امام الجميع ولم يقفل يوما بوجه احد، اما القول بأن عون لا يريد حكومة في نهاية عهده، فالسؤال هل يعقل ذلك؟، وطالما ان كل فريق قال ما عنده في البيانيين الصادرين اولا عن السراي وثانيا عن بعبدا، يفترض مع عودة ميقاتي الى بيروت ان تكون هناك صفحة جديدة اذا كان من نية لدى الطرفين للمعالجة”.

واشار المصدر الى ان “بيان بعبدا امس يفترض انه انهى الجدل حول كل ما حصل في الفترة الاخيرة، خصوصا انه صار لدى ميقاتي نوع من الحذر بعد التسريب الذي حصل للتشكيلة الحكومية التي رفعها في اللقاء الاول مع عون، مع العلم بأن بعبدا نفت ان تكون هي وراء هذا التسريب، واذا توافرت النوايا الايجابية من الممكن ان تتشكل الحكومة بأقل من اسبوع، ولكن لحد الان لا شيء يوحي بأن هناك من حلحلة في ملف تأليف الحكومة، مما يجعل المراقبين يقولون ان خيار لا حكومة هو اقرب الى خيار ولادة حكومة، وهذا يعني انقضاء الوقت والحكومة متعثرة، واذا وصلت الامور الى حد الدخول في مهلة الشهرين لانتخاب رئيس جديد للجمهورية نصبح امام خياران:

الاول: الاتفاق مع اطراف الحكومة الحالية (تصريف الاعمال) على تشكيل ذات الحكومة مع ادخال تعديل او تعديلان عليها حتى تكون حكومة كاملة الاوصاف يمكنها نيل ثقة مجلس النواب.

الثاني: ان تبقى الحكومة في وضعية تصريف الاعمال وتتولى صلاحيات رئاسة الجمهورية في حال حصول فراغ وكالة كما يقول الدستور، وايضا في النطاق الضيق.

الا ان الفرضيتين تسقطان اذا تم انتخاب رئيس جمهورية جديد في الفترة الممتدة بين اول ايلول واواخر تشرين الاول”.

ورأى المصدر ان “ربط البعض الحلول بزيارة الرئيس الاميركي جو بايدن الى المنطقة، يدخل من ضمن الاجتهادات غير المنطبقة على الواقع، لان لبنان ليس من اولويات زيارة بايدن الى المنطقة، وحصلت ضغوطات في السابق وفي ذات الملف (اي تشكيل الحكومة) ولم تفض الى اي نتيجة”.

ورجّح المصدر ان “تشهد الايام المقبلة وفور عودة ميقاتي من الخارج اللقاء الثالث بين الرئيسين، والذي بنتيجته تتحد وجهة الامور ومسار الحلول او التعقيد، مع الرهان الدائم على العلاقة الودية بين عون وميقاتي التي من شأنها تذليل الكثير من العقبات”.