كتب أنطون الفتى في “أخبار اليوم”:
هل يُعالَج المريض الذي تزداد أوضاعه الصحيّة سوءاً، بزيادة الأدوية فقط، أم انه لا بدّ من إرشاده الى كيفيّة تغيير نمط حياته، من حيث العادات الغذائية، وممارسة الرياضة، والحصول على القسط الكافي من النّوم والراحة، أيضاً؟
البنزين
انطلاقاً ممّا سبق، هل يُعالَج إذلال المواطن اللبناني على محطات البنزين، باستيراده من إيران، وبالإبقاء على السلوكيات السياسية والأمنيّة التي تسبّبت بحصار لبنان، والتي أوصلت الشعب اللبناني الى الإذلال، على طريقة من يزيد كميّة الأدوية للمريض، لتتناسب مع تطوُّر المرض، وذلك بدلاً من مساعدته على وقف تطوُّر هذا الأخير، وعلى الاحتفاظ بتوازُن صحي، باستهلاك أقلّ كميّة ممكنة من الأدوية؟
العرب
في هذا الإطار، نسأل أيضاً عمّا إذا كانت العقوبات الأميركية وحدها، هي التي تحتّم عَدَم استيراد لبنان البنزين من إيران. فماذا عن دخوله لبنان، كختم من أختام التمحوُر اللبناني بالمحور الإيراني في المنطقة، وتأثير ذلك على مستقبل العلاقات اللبنانية – العربيّة، قبل وصول التفاوُض السعودي – الإيراني، الى صورة واضحة، خصوصاً أن الرياض تقاطع بيروت بسبب طهران، منذ أكثر من عامَيْن تقريباً؟
وبالتالي، هل يُمكن للبنان الرسمي أن يذهب الى طهران، أبعَد من العلاقات اللبنانية التقليدية الجيّدة معها، من خارج العرب؟ وهل من إمكانية منطقية لـ “تطبيع” لبناني إقتصادي رسمي مع إيران، قبل المصالحة العربية – الإيرانية؟
تبرير
أكد مصدر مُطَّلِع أن “الخطاب الأخير لأمين عام “حزب الله” السيد حسن نصرالله، الذي تحدّث فيه عن شراء البنزين والمازوت من إيران، لا يحمل بصمات تنفيذيّة”.
وأوضح في حديث الى وكالة “أخبار اليوم” أن “الهدف الأساس من هذا الكلام، هو التوجُّه الى جمهور “الحزب” النّاقم من جراء ذلّ الإنتظار على محطات البنزين، والوضع المعيشي الصّعب، رغم المكابرة، ورغم أن نصرالله يتحدّث دائماً عن خيارات بديلة، ولكن دون أن يتمكّن من وضعها في حيّز التنفيذ. ومن هذا المُنطَلَق، بثّ نصرالله بعض الهدوء في نفس جمهوره، وبرّر عَدَم اعتماده على إيران منذ العام الفائت، بموانع تتعلّق بالدولة اللبنانية. وبالتالي، هو رفع المسؤولية عن “حزب الله”.
صراع
لفت المصدر الى أن “حديثه عن و”لتمنع الدولة” إدخال البنزين الإيراني الى لبنان، يعبّر عن تمرير رسالتَيْن، الأولى هي أن قرار السّلم والحرب في لبنان، لا يزال في يد “حزب الله”. أما الثانية، فهي دعوة الى أن لا يحاول أي طرف تجاوُز “الحزب”، لا مع الأميركيّين، ولا مع غيرهم، في أي تسوية حول الملف اللبناني”.
وقال: “المشكلة هي أن هاتَيْن الرسالتَيْن غير مُلزِمَتَيْن إلا لحلفاء “الحزب”، ولبيئته السياسية، دون القدرة على فرضهما على باقي اللبنانيّين. وهذا ما يُمكنه أن يشكّل فتيلاً لصراع كبير مستقبلاً، نظراً لخطورة مضمونهما”.
تراجُع؟
ورجّح المصدر في حديثه لوكالة “أخبار اليوم” أن “يتراجع “حزب الله” عن النّبرة التهديديّة التي لوّح بها تجاه الدولة اللبنانية، من باب البنزين الإيراني، عبر طُرُق عدّة، خلال الفترة القليلة القادمة”.
وختم: “تبقى سوريا المقياس الأساسي الذي يعتمده “الحزب” لقوّته في لبنان، على أكثر من مستوى. ولكن لا مجال لحصول دمشق على الورقة اللبنانية، مهما كثُرَت التمنيات “المُمانِعَة”، وذلك انطلاقاً من أن سوريا عاجزة عن استعادة دورها الأمني، وقوّتها السياسية في لبنان”.