كتب طوني فرنسيس في “نداء الوطن”:
قبل نحو عام ( تموز 2020) كتبت مجلة “فورين بوليسي” الأميركية أن سياسة الضغوط القصوى التي تنتهجها واشنطن ضد ايران وعلى حليفها “حزب الله”، لا تساعد بتاتاً في تحسن الوضع وترتد انعكاساتها مباشرة على لبنان واللبنانيين.
وقالت المجلة ان إضعاف الدولة اللبنانية من خلال سياسة الضغوط لن يُضعف “حزب الله” المدجج بشتى انواع الأسلحة، والذي خرج “منتشياً” من مغامرة دامت ثماني سنوات في سوريا يراها “انتصاراً عظيماً”. فكلما غرقت البلاد في الفوضى، تعلق الناس أكثر بطوائفهم، وتحول قادة هذه الطوائف الى حكامٍ فعليين.
وتوقعت الّا يكون مصير لبنان “الممزق”، في المدى المنظور، اندلاع حرب أهلية بل تشتت البلاد الى مناطق اضطرابات وعنف محلية، ففي ظل غياب الدولة، ستتحول اي سلطة قادرة على احتواء الفوضى الى سلطة الشعب المفضلة، وستصب الأوضاع الحالية في مصلحة ايران التي ستعزز قوتها في الداخل اللبناني بوصفها “منقذ الطائفة الشيعية”، وكلما طالت الأزمة ازداد احتمال ان يتحول لبنان فعلياً الى “دولة تابعة” للجمهورية الاسلامية الايرانية.
أوردت المجلة الأميركية هذا التحليل عشية انفجار المرفأ في 4 آب الماضي وما أعقبه من استقالة لحكومة حسان دياب، والدخول الفرنسي على خط المساعدة في قيام حكومة اختصاصيين قادرة ومنتجة وصولاً الى الواقع الذي نعيشه. طوال تلك المرحلة لم يُدلِ الايرانيون بمواقف خارج نطاق دعم “المقاومة” وأدوارها المستقبلية، الى أن جاء التحرك الفرنسي فلم يُخْف هؤلاء رفضهم مبادرة باريس، وباتت شهيرة جملة جواد ظريف: ماذا يفعل ماكرون في لبنان؟ حتى اليوم يدفع البلد ثمن سياسة الضغوط القصوى التي فرضتها اميركا ترامب على ايران وانصارها، كما يدفع ثمن سياسة “الصبر الاستراتيجي” التي تخوضها ايران في وجه خصومها، وهي سياسة تفرض على اللبنانيين الصبر على مصابهم الأليم وحاكمهم “اللئيم” حتى تتضح صورة ما بعد فيينا، وما ستعنيه بالنسبة الى النفوذ الايراني في المنطقة… وفي الانتظار مزيد من الانهيار ومن وساطات استخراج حكومةٍ تتمنّع عن الولادة، وتستدعي صبراً شعبياً لبنانياً استراتيجياً.