مجدداً، يطرح رئيس الحزب “التقدمي الإشتراكي” اقتراح “التسوية” على الرئيس المكلف سعد الحريري في سبيل العبور نحو حكومة، وهو الأمر الذي سيضع الأخير أمام معضلات جديدة أساسها تقديم التنازلات أكثر فأكثر لصالح رئيس الجمهورية ميشال عون والنائب جبران باسيل. فعلى صعيد المشهد القائم، فإن دعوة جنبلاط للحريري وإقراره بأن الأخير “غير مقبول سعودياً”، يشيرُ بشكل أو بآخر إلى أنّ الحريري بات امام خيار الاعتذار والتنازل عن مهمة التأليف، أو التسليم بـ”تسوية” جديدة تجمعه مع باسيل، وهو الأمر الذي سيشكل “مقتلاً” كبيراً لمسيرة الحريري سياسياً وشعبياً.
وتقول مصادر سياسية لـ”لبنان24″ أنّ “جنبلاط تلقى تأكيدات مؤخراً عبر جهات سياسية معينة بأن المملكة العربية السعودية لا تريد الحريري، وقد جرى الطلب منه طرح مبدأ التسوية من جديد”، وتضيف: “استشعر جنبلاط أن المعادلات الدولية باتت تفرض نفسها بقوة على المشهد خصوصاً التقارب السعودي – السوري والسعودي – الإيراني، وهو الأمر الذي سيكرس لدمشق دوراً على خط الأزمة الحكومية اللبنانية”.
ولفتت المصادر إلى أنّ “معظم الأطراف السياسيين باتوا على دراية بأنه قد آن الأوان لتقديم التنازلات، خصوصاً من ناحية عون والحريري لأن المعادلات الخارجية هي الأقوى”. وتضيف: “يمكن لجنبلاط أن يكون قد أحرَج الحريري من جديد، ولطرح الأخير الذي قدّمه زعيم المختارة قد يعتبر اضعافا للحريري بشكل كبير. وفي حال اعتذار الأخير، فإن المنتصر سيكون باسيل وحلفاؤه، والرئيس المكلف سيعتبر أن جنبلاط كان المساهم في هذا النصر”.
وبحسب المصادر، فإن “جنبلاط لم ينقلب على الحريري، لكنه رأى أنه لا مفرّ من التسوية وهو لا يمانع أبداً اجتماع الرئيس المكلف مع باسيل وقد سعى لذلك”، وتردف: “رئيس الإشتراكي لن ينتظر بقاء البلاد من دون حكومة، لأنه بات يرى أن الوضع الاقتصادي يتفاقم كما أن الوضع الأمني على المحك، وقد حان الوقت لطرح الحلول بأسرع وقتٍ ممكن”.
ووسط ذلك، فإن كلام جنبلاط حمل رسالة مهمة مفادها أنه على “الحريري أن يكون عملياً”، وهنا، تقول المصادر عينها أن “هذا الكلام يشير إلى أن جنبلاط قد يرى أن المشكلة كانت لدى الحريري خلال مسار التأليف، كما أن الدعوة لأن يكون الرئيس المكلف عملياً قد تلمح إلى ضرورة تقديمه الاعتذار، بمعنى أنه لا رضى عليك فلماذا لا تخرج من السباق نحو السراي الحكومي؟”.
في المقابل، يخيم على أجواء بيت الوسط استياء كبير بسبب كلام جنبلاط، وتعتبر المصادر هناك أن “ما يحصل هو تطويق فعلي للحريري الذي لم يتوانَ يوماً عن تقديم أي طروحات للحل سواء من خلال تبينه المبادرة الفرنسية أو تقديم التسهيلات الفعلية لتشكيل الحكومة”.
ومع هذا، فقد اعتبرت مصادر بيت الوسط أنّ “كل الأطراف السياسية لا يمكنها تهميش الحريري الذي كان يسعى من اليوم الأول لوضع الحلول أمام الجميع، لكنه اصطدم بحسابات شخصية ضيقة”.
ازاء كل ما يحصل، فإنه على ما يبدو أن القطيعة بين جنبلاط والحريري سوف تتعمق أكثر، خصوصاً أن الأخير يعتبر أنه تلقى طعنات عدّة من رئيس “الإشتراكي”. وحتى الساعة، فإن رئيس مجلس النواب نبيه بري عجز عن جمع الحريري وجنبلاط كونه الصديق المشترك بين الطرفين، وما يتبين أنّ الأمور بينهما اتجهت نحو مرحلة أسوأ خصوصاً بعد الإطلالة الأخيرة لـ”زعيم المختارة”، وهي التي أكدت أن الانقسام سيزداد أكثر وأكثر لأن جنبلاط قال الأمور كما يراها من دون مراعاة لاحد.
المصدر: لبنان 24