بات من المؤكد اندثار كل المشاريع و الخطط الكبرى بما فيها اعلان القدس عاصمة ابدية لدولة اسرائيل ، وعلى العكس تماما برهنت الانتفاضة بأن الوطن الفلسطيني لا يزال قائما من النهر الى البحر. اشتعلت المدن الفلسطينية دفعة واحدة ما قلب التحدي المصيري الى عمق المجتمع الاسرائيلي التائه في هويته و مصيره .
جدي المنتمي الى الفكر الشيوعي في بداية القرن الماضي، كان يعتبر بأن فلسطين قضية للحق الانساني وتصفيتها يعني القضاء على قيم التحرر والعدالة و حق الشعوب في تقرير مصيرها، لذلك كانت ارتدادتها تتجاوز جغرافيا هزيمة 1948 أو 1967 الى الدول و الكيانات المحيطة بما في ذلك عمق النسيج اللبناني الذي انقسم عاموديا وافقيا وادى الى اندلاع حرب اهلية طاحنة .
اليوم وبعد نحو 7 اجيال من التهجير وتكديس المرارة جراء اجتياح تلو الاخر وهزيمة بعد الاخرى، ثبت بأن على ارض فلسطين ما يستحق الحياة ومن هم على ارض فلسطين شعب اصيل أكثر من محتله المذعور والخائف من ضحكاتهم وبسماتهم. شبان فلسطين في المدن المنتفضة حققوا مقولة الشاعر الفلسطين محمود دروش ” كَانَتْ تُسَمَّى فِلِسْطِين. صَارَتْ تُسَمَّى فلسْطِين”.وثبت مقولته الشهيرة ” انكم لن تعرفوا كيف يبني حجر من أرضنا سقف السماء”.
هزت الانتفاضة عمق الوجدان لتثبت بان الهزيمة ليست قدرا ويمكن العبور الى شرق جديد قوامه الحق والعدالة . فلسطين عادت الى اصل المعادلة في مخاض ولادة شرق اوسط جديد بعد الانطباع السائد بانها اندثرت واضمحلت. اساس المعضلة الجديدة هي تثبيت الهوية الوطنية وكسر قيود الاحتلال ، كما الاعتراف بالحق الفلسطيني، لذلك يليق بشعب فلسطين هذا الفرح والزهو رغم الحزن والوجع .