تشكل الهجرة موضوع نقاش رئيسي مع بداية كل حملة رئاسية في فرنسا، إذ إن مرشحي اليمين واليمين المتطرف يريدون في كل مرة تشديد الخناق على المهاجرين بالتركيز على التكلفة التي يمثلونها بالنسبة للدولة.
غير أنه بحسب التقرير السنوي الذي أصدرته منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، في الثامن والعشرين من أكتوبر، الذي يغطي دولها الأعضاء البالغ عددهم 25 دولة، فإنه “في جميع البلدان، تكون مساهمة المهاجرين التي يدفعونها في شكل ضرائب أكبر من النفقات التي تخصصها هذه الدول للحماية الاجتماعية والصحة والتعليم”.
في فرنسا، كما هو الحال في جميع دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية المشمولة في الدراسة، فإنه من خلال تحديد النسبة بين المساهمات التي يدفعها المهاجرون والمساعدات التي يتلقونها، تؤكد المنظمة أن هذه التكلفة متوازنة. إذ تبلغ مساهمة الموازنة الصافية للأشخاص المولودين خارج فرنسا 1.02% من الناتج المحلي الإجمالي، وبالتالي فائض طفيف، مقابل متوسط 1.56% لجميع البلدان.
ووفقًا للدراسة الأولى في هذا الموضوع منذ عام 2013، يعد الإنفاق العام على المهاجرين أقل منه بالنسبة لبقية السكان في مجالات مثل معاشات الشيخوخة والمرض والعجز والتعليم والصحة. على العكس من ذلك، فهو أقوى فيما يتعلق بالبطالة والاستبعاد الاجتماعي والإسكان.
وفي حديثها لموقع سكاي نيوز عربية، تقول مؤلفة الدراسة والخبيرة الاقتصادية، آنا داماس دي ماتوس، “في الواقع، عندما نعتمد ميزانية الدفاع وسداد الدين العام، اللذين لا يتعلقان فقط بالمهاجرين، ولكن جميع السكان، تصبح المساهمة سلبية بالنسبة لفرنسا (- 0.85%) كما هو الحال بالنسبة لمتوسط 25 دولة تمت دراستها (- 0.16)”.
هجرة شابة، ربح أكبر
علاوة على ذلك، يفصّل التقرير أن “أكبر المكاسب من حيث المساهمة في الميزانية، توجد في البلدان التي اجتذبت تدفقات كبيرة من العمالة المهاجرة، ولا سيما المهاجرين ذوي المهارات العالية”.
وتوضح الخبيرة الاقتصادية أن هذه النتائج “تعكس تاريخ الهجرة لكل بلد”: “في البلدان التي تشهد هجرة حديثة وشابة، يكون لدينا مساهمة أكثر إيجابية، كما هو الحال في إيطاليا أو إسبانيا والعكس صحيح. أما في فرنسا فالوضع متوسط، بالنظر إلى أن السكان المهاجرين أكبر سنًا. وهذا يعني أن هناك علاقة قوية بين نسبة السكان المهاجرين الذين هم في سن العمل وصافي مساهمتهم المالية”.
لذلك، تُظهر الدراسة أنه في العديد من البلدان، الأفراد الذين تتراوح أعمارهم ما بين (25-54)، هم أكبر المساهمين الماليين. لكن في المقابل، وبحسب دي ماتوس “يدفع المهاجرون ضرائب ومساهمات أقل من نظرائهم المولودين في البلاد، ويرجع ذلك جزئيًا إلى معدلات توظيفهم المنخفضة. لهذا السياسات التي ترفع بشكل فعال معدلات توظيف المهاجرين يمكن أن يكون لها عائد مالي كبير من خلال زيادة الربح عبر الضرائب والمساهمات”.
انهيار غير مسبوق لتدفقات الهجرة
وفي التقرير نفسه، تشير منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية إلى أن أزمة وباء كورونا أدت إلى أكبر انخفاض في تدفقات الهجرة على الإطلاق في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، بأكثر من 30%، ففي عام 2020، انضم 3.7 مليون شخص إلى 25 دولة من الدول الأعضاء، وهو أدنى مستوى مسجل للهجرة منذ عام 2003.
وتسجل الدراسة كذلك أن الولايات المتحدة، التي لا تزال الدولة الرائدة للهجرة في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، عرفت انخفاضًا بنسبة 44 % مقارنة بعام 2019، مع 576000 وافد جديد في عام 2020. ومن بين البلدان التابعة المنظمة، سجلت فرنسا أقل انخفاض ملحوظ (-21%)، مع 230 ألف “مهاجر جديد”.
وفي هذا الشأن، تشرح مؤلفة الدارسة، “حدث الانخفاض الملحوظ بشكل رئيسي في الربع الثاني من عام 2020 عندما كانت العديد من البلدان مغلقة. كما أن الهجرة العائلية تراجعت بشكل أساسي، وزادت تدفقات الطلاب الدوليين مع بداية العام الدراسي. غير أننا يمكننا أن نتوقع أن تنتعش هجرة اليد العاملة مرة أخرى بالنظر إلى النقص الحالي في العمالة في مختلف القطاعات في معظم دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية”
المصدر: سكاي نيوز