كتب طوني كرم في “نداء الوطن”:
«على طريق القدس»… تتهاوى المؤسسات الدستوريّة في لبنان أو ما تبقى منها؛ حتى أمسى الشغور السياسي بعد الرئاسي سيّداً لمواقف القوى السياسيّة التي تجهد لتحييد لبنان عن تبعات إنخراط «حزب الله» في الحرب. يلتزم «الحزب» راهناً بقواعد الإشتباك ووضع العمليات العسكريّة التي ينفذها من جنوب لبنان في إطار الحدّ من همجيّة آلة القتل الإسرائيليّة على قطاع غزة، وتشتيت إمكاناتها العسكريّة على أكثر من جبهة، ما دفع بعض المتابعين إلى وضع مؤازرة «الحزب» لـ»حماس» في خانة رفع العتب والتنصل من شعار «وحدة الساحات»؛ مع التسليم بأنّ قرار مشاركته في نصرة القضية الفلسطينيّة مرتبط حكماً بمصالح إيران التي تسخّر إذرعتها العسكرية في الشرق الأوسط لتثبيت مكانتها التفاوضيّة، المباشرة وغير المباشرة.
وأمام استباحة الجيش الإسرائيلي كافة القوانين الدولية والإنسانيّة مع تكريسه الفتك بأرواح المدنيين أمام مرأى ومسمع الجميع، وحسابات إيران المتحكمة بعدد من العواصم العربيّة، يضيع لبنان. وذلك، وسط تخوّف البعض من إرتداد قواعد الإشتباك التي فرضها «الحزب» مع إسرائيل وأدت بطبيعة الحال إلى الحدّ من إقحام لبنان في «الحرب»، إلى الداخل اللبناني، والمطالبة بتكريسها عبر تعيين – إنتخاب مسؤولين، يشكل تبوؤهم المراكز الدستورية والقضائيّة والعسكريّة… ديمومة لمصالحه ومصالح إيران في المنطقة. في حين يعتبر آخرون أن تركيبة لبنان وتعقيداته الداخليّة المرتبطة بحسابات الطوائف والقوى السياسيّة تتخطى التحولات الخارجيّة.
فهل صحيح أنّ الطريق إلى قصر بعبدا ستمّر حكماً بنتائج حرب غزة؟
غادة أيوب
وفي هذا السياق، أعربت عضو تكتل «الجمهورية القوية» النائبة غادة أيوب عن حذرها من إنزلاق لبنان إلى الحرب جرّاء التطور المستمر في المعطيات الميدانية، والتي تفرض بدورها قواعد جديدة للإشتباك. ورأت أنّ المقاربة التي تُطرح عن مقايضةٍ ما بين إيران والولايات المتحدة الأميركية في غير مكانها على اعتبار أنّها تختلف عن تلك التي سادت إبان الحرب العراقية وخوّلت سوريا الحصول على مكاسب لها في لبنان، كما أنها مرتبطة بتوازن القوى الذي فرضته الولايات المتحدة والتي لا تخوّل إيران وأذرعها المطالبة بتعزيز مكاسبهم السياسيّة في المنطقة.
ووسط تأكيدها أنّ المرحلة الضبابيّة لا تخوّل البتّ في مآل الأحداث في المنطقة، كما الحديث عن إنخراط إيران وأذرعها العسكريّة، من بينهم «حزب الله» في الحرب، رأت أنّ محاولات تحييد إيران وأذرعها عن الحرب في غزة منذ 7 تشرين الأول وصولاً إلى تأكيد السيّد حسن نصرالله في 3 تشرين الثاني أنّ قرار عملية «طوفان الأقصى» فلسطيني داخلي، لتبرير عدم دخول الحرب وإشعال الجبهة الشماليّة لإسرائيل، من شأنه أن يتغيّر مع استهداف إسرائيل للمدنيين والأطفال قبل أيام في عيناثا – الجنوب.
ولفتت إلى أنّ اغتيال المدنيين من شأنه أن يشرّع الطريق أمام قواعد جديدة تكفل إستهداف المدنيين في المقلب الآخر، ما يحتّم الترقّب لما سيحمله الخطاب المقبل لأمين عام «حزب الله»، الذي ورغم تغييبه الشرعيّة اللبنانية والتحدث باسم ومصالح إيران فقط قبل أيام، ربط الردّ على إسرائيل بتطور المعطيات الميدانية؛ وذلك قبل تسارع وتيرة الأحداث بإتجاه مزيدٍ من التأزم على أبواب إنعقاد القمة العربيّة الإستثنائيّة في المملكة العربيّة السعودية.
غسان عطالله
من جهته، إستبعد عضو تكتل «لبنان القوي» النائب غسان عطالله إنعكاس التطورات المرتبطة في المنطقة على الداخل اللبناني تحديداً، مشيراً إلى أنّ الأهميّة تكمن في وقف الحرب على غزة، والحدّ من الأضرار التي تتسبب بها. وشدد على أنّ الحديث عن صفقة ما بين الولايات المتحدة وإيران قد تؤدي في نهاية المطاف إلى تعزيز مكانة «حزب الله» سياسياً، في غير مكانها، ورأى أنّ التضحيات التي يقدمها لبنان و»الحزب» تحديداً من خلال دماء الشهداء يومياً، لا يمكن وضعها في خانة تعزيز مكاسب سياسيّة لأي مكون سياسي.
ولفت إلى أنّ تداعيات الحرب تتخطى الحسابات الضيقة، لتطال إعادة ترتيب خارطة المنطقة السياسيّة والجغرافيّة والإقتصادية وإستثمار ثرواتها البترولية. واعتبر أنّ الأزمة الراهنة تحتّم على كافة المسؤولين البحث عن حلول، تؤدي إلى إنتخاب رئيس وملء الشغور في كافة المواقع الدستورية، كما تدفع إلى اتخاذ موقف واحد وصريح يحمي لبنان من تداعيات الأحداث القائمة.
أما لجهة تقدّم تعقيدات الحسابات الداخليّة على تطور الأحداث، فرأى أنّ تطور الأحداث في المنطقة يتقدّم على المقاربات الداخلية والجانبيّة كما على حسابات المسؤولين الشخصيّة، ليختم مشدداً على أن الأهمية تكمن في اجتراح الحلول والتفكير بكيفيّة حماية لبنان، وانتخاب رئيس يكون قادراً على تمثيل لبنان في المنتديات والقمم العربية والدولية؛ وذلك انطلاقاً من تلقف الخطاب المنفتح أو المبادرة التي حاول من خلالها رئيس «التيار الوطني الحرّ» النائب جبران باسيل إيجاد ثغرة في الجدار المقفل بين المسؤولين، تؤدي بطبيعة الحال إلى التوافق على مرشحٍ رئاسيٍ ثالث بين الجميع.