22-نوفمبر-2024

نشرت صحيفة “نداء الوطن” مقالاً بعنوان “إعلان التعبئة العامة يسمح بفرض الرقابة على موارد التموين والطاقة وكيفية توزيعها وتخزينها”, للكاتبة باسمة عطوي جاء فيه:

في ظل استمرار حالة التأهب التي يعيشها اللبنانيون منذ بدء الحرب على غزة واندلاع المواجهات في الجنوب اللبناني، تتعالى أصوات تطلب فرض رقابة على مصادر الطاقة وتنظيم توزيعها، بالاضافة الى مراقبة توزيع المواد الاولية والانتاج الصناعي والمواد التموينية وتنظيم استيرادها وتخزينها.

بمعنى آخر هناك من يطالب باعلان حال التعبئة العامة، لأن ظروف البلد الامنية والسياسية والاقتصادية تتطلب ذلك، على غرار ما يحصل في كل بلدان العالم التي تواجه حروباً أو أزمات حادة.

وبانتظار أن يلقى هذا الطرح الآذان الصاغية من المسؤولين السياسيين لنقاشه على الاقل، ثمة من يؤيده من أهل القانون على اعتبار أن البلد يمر في حالة استثنائية، في حين أن الهيئات الاقتصادية الخاصة تعارضه متذرعة بأن القطاعات المعنية بالازمة، قادرة على تنظيم نفسها من دون إعلان حال تعبئة عامة.

مالك: الظرف الإستثنائي يتطلب ذلك

على ضفة الخبراء القانونيين يشرح الخبير الدستوري المحامي سعيد مالك لـ”نداء الوطن” أن “ما يتعرّض له الوطن من أحداث وإمكانية تطوّرها يفرض اتخاذ تدابير مواجهة للأمور التي تحصل أو من المتوقع حصولها، ومن ضمن هذه التدابير التعبئة العامة”، موضحاً أن “فرض التعبئة العامة يجب أن يبحث به أولا المجلس الأعلى للدفاع، عملاً بأحكام المادة 2 من قانون الدفاع الوطني الصادر بالمرسوم 102/83 تاريخ 13/9/1983، ويقضي أن يجتمع المجلس الاعلى للدفاع ليرفع طلباً الى مجلس الوزراء من أجل إعلان التعبئة العامة. والاخير عليه أن يتخذ هذا القرار بغالبية ثلثي أعضائه”.

ويضيف: “سبب اتباع هذه الآلية أن اعلان التعبئة العامة، وعملاً بأحكام الفقرة 5 من المادة 65 من الدستور، بحاجة الى أخذ القرار بغالبية الثلثين كون القرار من القضايا الـ14 التي يستوجب اقرارها اكثرية ثلثي أعضاء الحكومة، فيصدر مرسوم عن الحكومة باعلان التعبئة العامة بناءً على طلب المجلس الاعلى للدفاع عندها وسنداً لأحكام المادة 2 من قانون الدفاع المشار اليها أعلاه”، لافتاً الى أنه “يحق عندئذ للقوى العامة ولا سيما الجيش بفرض الرقابة على موارد التموين والطاقة وكيفية توزيعها وتخزينها، كون البلاد تكون على فوهة بركان ويفترض بالدولة أن تمسك بزمام الأمور خوفاً من انفلاتها”.

يرى مالك أنه “من الآن وصاعداً يفترض أن نفكر جدياً بهذا الطرح، لأن الامور سائرة نحو التعقيد والتصعيد، ويفترض أن يُصار الى التنبّه الى مسائل يمكن أن تتفلت، ويمكن أن تفقد المواد الاولية ويصار الى تخزينها من قبل تجار يفتقدون الى الضمير، كما يمكن أن تفتقد أيضاً موارد للطاقة يحتاج إليها البلد”.

شمس الدين: يمكن للتعبئة أن تعلن شاملة أو جزئية

في الشق القانوني أيضا، يشرح الباحث في الدولية للمعلومات محمد شمس الدين لـ”نداء الوطن” أن “قانون الدفاع الوطني حدد شروط إعلان التعبئة العامة، التي تتم بمراسيم تقر في مجلس الوزراء بناء على طلب من المجلس الاعلى للدفاع. والحالات التي تعلن فيها التعبئة العامة محددة بالفقرة ( 1)، أي اذا تعرض الوطن أو جزء من أراضيه أو قطاع من قطاعاته العامة أو مجموعة من السكان للخطر، بهذه الحالة يمكن اعلان التعبئة العامة”.

ويضيف: “التعبئة العامة يمكن أن تكون شاملة أو جزئية لتنفيذ الخطط المقررة بهذا الموضوع، وفي المراسيم التي تقر يمكن فرض الرقابة على مصادر الطاقة وتنظيم توزيعها، وعلى المواد الاولية والانتاج الصناعي وتنظيم ومراقبة حركة النقل والانتقال والمواصلات ومصادرة الاشخاص والاموال وفرض الخدمات على الاشخاص”.

البواب: لسنا في سوريا أو مصر

في الميزان الاقتصادي، يشير الخبير الاقتصادي باسم البواب لـ”نداء الوطن” الى أنه “لا داعي لفرض هذه الرقابة لأننا في نظام اقتصادي حر، ولبنان معتاد على هذا النمط من الاقتصاد. ولا يمكن أن نكون مثل مصر أو سوريا، بسبب اختلاف المقومات الاقتصادية والاجتماعية والمداخيل”.

ويضيف: “حتى لو وقعت الحرب فالسوق هو من ينظم نفسه، وزيادة الطلب ستدفع التجار الى زيادة كمية الاستيراد وتكثيف عمليات العرض مقابل الطلب، ناهيك بوجود مخزون من المواد الأولية والغذائية الضرورية يكفي لأشهر قادمة (3 أشهر) طاقة /مواد غذائية/ ادوية”، مشدداً على أن “التجار في لبنان يراقبون التطورات ويعرفون كيفية تلبية السوق. لكن المشكلة في المواطن لأنه أحيانا هو من يختلق الأزمة، لأنه يعمد الى التخزين غير المدروس والمبالغة في شراء المواد الغذائية التي يمكن أن تفسد قبل استهلاكها، وبذلك يسبب الخسارة لنفسه ويساهم في خلق حالة هلع ونقص في المواد الغذائية من دون داع”.

ويرى البواب أنه “لو يعمد المواطن العادي الى التخزين بطريقة معقولة، عندها لا يحصل نقص في الاسواق، وفي حال حصل هذا النقص فامكانية تأمين المواد الاساسية تبقى متاحة عبر أكثر من معبر او مرفأ، وهذه التجربة تأكدت في كل الازمات التي مرت على لبنان”.

ويختم: “في الازمات القطاعات التجارية في لبنان هي التي تنظم نفسها، من دون مساعدة الدولة والامور تسير على خير”.