22-نوفمبر-2024

كتب أكرم حمدان في “نداء الوطن”: 

سجّل اجتماع لجنة المال والموازنة يوم الاثنين والذي خُصّص للبحث في اقتراحي إعادة التوازن للانتظام المالي وإعادة هيكلة المصارف، جملة ملاحظات حول الاقتراحين، وخلاصتها أنهما ليسا سوى تفويض لمصادرة الودائع المصرفية باسم الشعب اللبناني. إذ ما الذي يمنع من اعتبار جميع المصارف القائمة غير قابلة للاستمرار بالتواطؤ مع أصحابها من أجل الترخيص لمصارف جديدة، ومصادرة الودائع الحالية لقاء تعويض لا يتجاوز 75 مليون ليرة لبنانية لكل مودع يدفع من مؤسسة ضمان الودائع؟

فهناك فجوة مالية (أي خسائر) في حسابات مصرف لبنان مقدّرة بـ73 مليار دولار أميركي ستتمّ تغطيتها وفقاً لاقتراح القانون، من خلال تخفيض قيمة توظيفات المصارف لدى مصرف لبنان بالعملات الأجنبية، أي عملياً شطب مبلغ 73 مليار دولار من إيداعات المصارف لدى مصرف لبنان.

وما تقدّم يعني برأي المعنيين، أنّ معالجة الفجوة في حسابات مصرف لبنان ستتمّ عملياً من ودائع المودعين بهذه العملات، باستثناء مليارين ونصف مليار دولار تقدّمها الدولة عن طريق إصدار سندات مالية و/أو أي وسيلة أخرى، وهذه السندات لن يكتتب بها أحد فعلياً لأنّ الدولة متخلّفة عن الدفع منذ العام 2020 وموازنتها في حالة عجز، ما يضطرّها إلى الاقتراض من مصرف لبنان.

ومن الملاحظات أنّ الفجوة المالية في حسابات مصرف لبنان بالليرة اللبنانية ستتمّ معالجتها على خمس سنوات من دون تحديد مصدر التغطية، وهناك مسألة تصنيف الودائع بالعملات الأجنبية بين مؤهّلة وغير مؤهّلة ومصطلح الأموال الجديدة، ما يُخالف مبدأ المساواة بين المواطنين المكرّس دستورياً ويُعرّض القانون للطعن في حال إقراره.

ومن المفارقات تقسيم الودائع المؤهّلة إلى: ما لا يزيد على 100 ألف دولار، ويمكن تسديدها ضمن شروط أهمّها: ملاءة كل مصرف على حدة وقابلية المصرف المعني للاستمرار وفقاً لأحكام قانون إعادة هيكلة القطاع المصرفي (الذي لم يقرّ بعد)، وربط استرجاع الودائع أو أي قسم منها بوضعية كلّ مصرف قابل للاستمرار وخصوصاً ملاءته وسيولته، وإمكانية تحويل الوديعة كلّياً أو جزئياً إلى العملة اللبنانية على أساس سعر صيرفة وفقاً لآلية تضعها الهيئة المصرفية العليا، ومراعاة السياسة النقدية التي يحدّدها مصرف لبنان، وحسم فائض الفوائد المدفوعة منذ عام 2015 لقاء الودائع المؤهلة من الرصيد الذي يفوق 100 ألف دولار، على أن يحدّد مصرف لبنان مقدار هذا الفائض.

كذلك، يمكن تحويل ما يزيد على 100 ألف دولار إلى العملة اللبنانية على سعر يقلّ عن سعر منصة صيرفة وفقاً لآلية تضعها الهيئة المصرفية العليا، وإخضاع الودائع المؤهّلة وغير المؤهّلة وبجميع العملات في المصارف غير القابلة للاستمرار، وفقاً لأحكام قانون إعادة هيكلة المصارف (الذي لم يقرّ بعد)، لأحكام قانون إنشاء المؤسسة الوطنية لضمان الودائع، أي بتسديد المبلغ المضمون البالغ 75 مليون ليرة، مع وعد بأن تعدّ الحكومة مشروع قانون يعدّل مبلغ الضمانة بعد استطلاع رأي مصرف لبنان.

ومن الملاحظات، تعدّد الآراء حول كلفة ردّ الودائع المؤهّلة ضمن سقف الـ100 ألف دولار، فمنهم من قدّرها بعشرين مليار دولار، ومنهم من قال إنها تبلغ سبعة وثلاثين ملياراً، كما أنّ الاقتراح لم يحدّد مصدر التمويل سوى وضعية كل مصرف على حدة لجهة سيولته وملاءته.

كذلك، هناك ملاحظات تتعلق بصندوق استرجاع الودائع وكيفية تمويله من أصول المصارف وأرباحها واستفادة مصرف لبنان من إيرادات الأموال المسروقة والمهرّبة وغير المشروعة وتخصيص الدولة بعض الإيرادات المستقبلية إذا توفّرت الشروط الإصلاحية المتعلّقة بالعجز والدين العام، لذلك يبدو برأي البعض أن تمويل صندوق استرجاع الودائع بمثابة حوت في المحيط.

والأهمّ، برأي المصادر، أنّ تنفيذ القانون يتوقّف، في حال إقراره، على إقرار قانون الـ»كابيتال كونترول» وقانون إعادة هيكلة المصارف.