11-نوفمبر-2024

بقلم كارول هاشمية

لا يزال اسم الفنان المصري عمرو دياب يتصدر مواقع التواصل الاجتماعي بعد الحفل الأسطوري الكبير الذي أقامه في العاصمة بيروت مساء السبت و الذي حضره ١٦ ألف شخص من عشاق الهضبة مرتديين اللّباس الأبيض متناسيين هموم حياتهن اليوميّة و الوضع الحرج الذي تمر به البلاد منذ سنوات…
فرحوا ورقصوا وعاشوا لحظات استثنائية من السعادة بعد سنوات من الضيق…
لم تكن ليلة التاسع عشر من آب ٢٠٢٣ ليلة عادية في بيروت …
فقد خلعت العاصمة وأسواقها الأسود الذي ارتدتْه منذ ٣ سنوات بدأً من الانهيار المالي وصولاً إلى انفجار المرفأ الذي أنهكها و أطفأ نورها
لتعود و تتألق من جديد كما عرفها العالم “عروس الشرق” التي لاق بها الأبيض ….

‘أمسية العمر” كما وصفت، افتتحها الـ دي جاي العالمي رودج،مع أجمل اللوحات الموسيقيّة التي أعدّها لبيروت التي لا تقهر بحنكة فنية عالية نجح من خلالها إشعال المسرح، وتخليدا لذكرى انفجار المرفأ الذي أتمت عامها الثالث ملأت صور المدينة المدمرة الشاشات بالإضافة إلى أغنية الشابّ خالد الذي غنى وجع بيروت “Elle s’appelle Beyrouth”  
لتطلّ مفاجأة الحفلة
باسكال صقر؛ ب”اشتقنالك يا بيروت”، وتغني مع الجمهور للشوق و السهر

لم يكاد النجم عمرو دياب يعتلي المسرح في وسط بيروت حتى اشتعلت أجواء الواجهة البحرية بصرخات الجماهير المتشوّقة للقائه مفتتحاً حفله الغنائي بأغنية “يا أنا يا لأ”، وسط هتافات وتصفيق ورقص الجمهور، حيث طغى على الحفل حالة من البهجة،
أطرب فيهما الهضبة جمهوره بعدد من أشهر أغانيه القديمة والحديثة ونسي الجمهور على مدى أكثر من ساعتين هموم الكهرباء و الماء و الدولار
.

كما أعرب عمرو دياب عن سعادته وفرحته بلقاء جمهوره اللبناني بعد غياب سنوات، وصرح خلال لقاء حصري بقناة “Onetv” ، قائلاً: “لبنان وحشاني جداً.. 12 عاماً لم أحضر إلى هنا.. أنا غلطان.. وحشتوني جداً من زمان”
واختتم الهضبة عمرو دياب حفله الغنائية بـ أغنيته “انت هتدلع” وسط الألعاب النارية التي صنعت مشهدا رائعاُ وسط تفاعل وتصفيق من الجمهور
الذي يُعد الأضخم حضوراً لفنان عربي في لبنان منذ سنوات
كما توجّه عبر حسابه في “إنستغرام” إلى جمهوره في لبنان قائلاً: “حب بيروت للحياة بدا ساطعاً الليلة الماضية! شهدت المدينة حدثاً لا مثيل له. كان حماس الجمهور رائعاً وتلألأت المدينة كتحفة فنية طوال الليل. شكراً لكم”.

على الرغم من النجاح الكبير الذي حققه حفل الهضبة لكنه لم يخلُ من الجدل

لا يكاد يمر حدث في لبنان من دون أن يربط بالأزمة الاقتصادية،كما حصل في حفل عمرو دياب إذ
تسائل البعض باستغراب عن كيفية تأمين هؤلاء أسعار التذاكر ليحضروا الحفل ، في ظل التضخم الكبير للأسعار و الانهيار الاقتصادي منذ ٣ سنوات

اذ بلغ سعر أرخص تذكرة للحفل، 60 دولارا، الأمر الذي رآه البعض أن أسعار تذاكر الحفل “مقبولة” نسبة إلى أسعار حفلات عمر دياب في الخارج.

ان حضور الحفل لا يعني أننا لا نعيش أزمة اقتصادية ومعيشية في البلد وهموم الماء والكهرباء والطعام و التعليم موجودة في حياتنا
و لا تنفي الدراسات التي تجريها المنظمات الدولية وتشير إلى أن لبنان من الدول الأكثر فقراً في العالم
ولكن أليس من حق اللبناني
أن يجد فسحة أمل وفرح وأن يعيش اللحظة بدلاً من أن يقال عن شعبه إنه خارج الحياة؟؟؟
ولماذا كل هذا الهجوم على من حضر الحفل وصرف المال على التذاكر فهل الفرح ممنوع على ناس تجني المال من تعبها؟
أما بالنسبة للإنتقادات التي طاولت أجر عمرو دياب لم تكن في محلها، فحفلة عمرو دياب تم تحضيرها
بمعايير ومقاييس عالمية كما شاهدنا بالإضافة إلى فريق عمل كبير عمل ليلا نهارا لانجاح هذا الحفل الأسطوري في مدة زمنية قصيرة و من الطبيعي أن يكون أجرها مرتفع
فالمبلغ الذي تقاضاه عمرو دياب موزع بين أجره وأجور الفرق الموسيقية وفريق العمل والفريق الإداري الذي يتولى التنسيق مع الجهة المنظمة، إضافة إلى الإقامة والسفر والتنقلات

وهكذا انتهي حفل عمر دياب لكن الحديث عنه ما زال مستمرا،
ولا يزال جمهور “الهضبة” يشارك فيديوات وصور لليلة الذي اعتبرها كثر انها أسطورية، وأثبت من خلالها أن لبنان بلد الحياة
وأن الأزمات التي عصفت به جعلت من شعبه متمسك بثقافة الحياة، ولذلك نسمع دائماً عبارات تردد بعد هول كلّ عاصفة أو فاجعة وطنية عبارة يتيمة يعلّلون فيها صمود اللّبناني “اللبناني ينهض دائماً لأنه يحبّ الحياة”

“شكراً من هنا لبكرا” بعودتك بعد غياب ١٢ عام شهدت بيروت أعظم حدث لها وأعاد لها الحياة
…..
وكما قال الشاعر نزار فرنسيس: “لا توجد حاجة لأي دولة أن تحذر رعاياها من الذهاب إلى لبنان أو تدعوهم لمغادرته”