24-نوفمبر-2024

كتبت بولا أسطيح في “الشرق الأوسط”:

تُجري قوى المعارضة في البرلمان اللبناني نقاشات مكثفة لوضع خطة عمل مُحكمة للمرحلة المقبلة، بعدما أعلنت صراحةً رفضها الجلوس على طاولة حوار مع «حزب الله»، برعاية فرنسية، في شهر أيلول المقبل، وسعيها لخريطة طريق لـ«مواجهة تصاعدية».

ووقّع 31 نائباً، أبرزهم نواب «القوات»، و«الكتائب»، وعدد من النواب المستقلين، هذا الأسبوع، ورقة سياسية جاءت بشكل أساسي رداً على رسائل بعث بها الموفد الفرنسي إلى لبنان جان إيف لودريان إلى الكتل النيابية والنواب المستقلين يدعوهم فيها لتحديد الصفات التي يجب على رئيس الجمهورية المقبل التحلي بها والمشروعات التي يفترض أن تكون ذات أولوية في عهده، متحدثاً عن لقاء سيدعو إليه في سبتمبر، لبحث هذين البندين.

ويطرح التوجه الجديد للمعارضة أكثر من علامة استفهام حول الآليات والأدوات التي ستلجأ إليها في مواجهتها المتجددة مع «حزب الله»، خصوصاً بعدما فشلت كل الخطط السابقة بتحقيق هدفها، وكذلك حول ما إذا كان الفرنسيون والدول الأربع الأخرى المهتمة بالشأن اللبناني (السعودية، الولايات المتحدة الأميركية، قطر، ومصر) سيعتبرون رد المعارضة بمثابة إعلان مواجهة معهم، لرفضها الحوار الذي يطرحه لودريان.

ورداً على هذه التساؤلات، يقول النائب عن حزب «القوات اللبنانية» جورج عقيص، إنه، في البيان الذي صدر عن النواب الـ31، «إشارة واضحة إلى تبنّينا بيان الدوحة والمواصفات التي لحظها للرئيس اللبناني العتيد»، مؤكداً أنهم ليسوا مطلقاً في وارد «خوض مواجهة مع المجتمع الدولي، وخصوصاً الدول الخمس الصديقة التي لا تزال تبذل جهداً للوصول بملف الرئاسة إلى خواتيم معينة»، مضيفاً، في تصريح، لـ«الشرق الأوسط»: «نحن مدركون أن الفرنسيين لا يهمُّهم فحسب العملية الشكلية بجلوس كل الفُرقاء على الطاولة، وأنه ليس هذا هدفهم الوحيد والنهائي. ما تريده الدول الـ5 هو الوصول لانتخاب رئيس، وانتظام عمل المؤسسات الدستورية. وقد اقترحنا على لودريان حلاً يعطي نتيجة طاولة الحوار الموسعة نفسها؛ ألا وهو عقد جلسات ثنائية في سبتمبر يستخلص من خلالها إمكانية الوصول لرئيس توافقي، ففي حال كان ذلك ممكناً، عندها نتجه مباشرة إلى مجلس النواب وننتخب رئيساً ولا يكون من داعٍ لطاولة حوار، أما في حال العكس فما رُفض في الجلسات الثنائية لن يُقبَل في جلسة موسعة».

ويُقرُّ عقيص بأنه «لا وصفة سحرية للأدوات والآلية التي ستلجأ إليها المعارضة للمواجهة، لكن ما نستبعده بالكامل هو الحرب الأهلية والاحتكام للشارع والقتل، كما الرضوخ لحزب الله ولخروجه منتصراً بلعبة الوقت نتيجة حرصنا على البلد، ما يدفعنا للقبول بتسوية نشتري بها الوقت أو الأمن أو السِّلم… ومن ثم بين هذين الحدَّين كل الأسلحة السياسية السلمية متاحة: الضغط الدولي، الضغط الشعبي، كما الخروج عن النظام كلياً كما يفعل حزب الله، إذ لم يعد يجوز أن تكون هناك فئة معينة من الشعب اللبناني تخضع للضريبة وكل مظاهر القانون، وفئة أخرى خارج القانون والمؤسسات وتريد أن تقبض عليها في الوقت نفسه».

ويوضح عقيص أن «كل النقاش الكثيف داخل المعارضة هو لتحديد خريطة طريق للمواجهة وأدواتها»، لافتاً إلى أن «إجهاض عقد جلسة تشريعية، الخميس، أداة من أدوات المواجهة، باعتبارنا نقول بذلك للفريق الآخر إنه بغياب الرئيس لا تستطيعون أن تحكموا بسلام وتسيروا المؤسسات كما تريدون».

من جهته، يشير النائب عن حزب «الكتائب اللبنانية» الدكتور سليم الصايغ إلى أنهم في البيان الأخير نقلوا نظرة قوى المعارضة المشتركة حول «عدم جدوى الحوار مع حزب الله، قبل الانتخابات الرئاسية؛ لأن أي حوار مباشر الآن مع الحزب حول الرئيس يؤدي إلى تحميل كل الأطراف مسؤولية عدم حصول الانتخابات ليصبح الجلاد والضحية سوياً في قفص الاتهام»، معتبراً أنه من الأجدى أن «يُقنع لودريان حزب الله بأنه لا يستطيع الإمعان في سياسة الفرض الخشنة أو الناعمة، فنذهب عندها لانتخاب رئيس من سلة وسطيين مقبولة من الجميع».

أما أدوات المواجهة التي تمتلكها المعارضة، فيقول الصايغ، لـ«الشرق الأوسط»: «ما إن خرج بيان المعارضة، البارحة، بالدعوة إلى مقاطعة جلسة تشريع الضرورة، تسارعت القوى السياسية إلى التعامل بإيجابية، مما أدى إلى انتصار كبير بعدم تأمين النصاب لهذه الجلسة»، كاشفاً أنه «يتم العمل، في الأيام المقبلة، على تغيير المشهدية السياسية داخل المؤسسات وخارجها، كما ستكون هناك خطوات عملية مختلفة لتطوير هذه المواجهة يعلَن عنها في حينها».

ولا يقتصر العمل المعارض على النواب الـ31 الذين وقّعوا البيان، إذ أكد مصدر نيابي أن نواباً آخرين يؤيدون هذا التوجه الجديد، لكنهم لم يوقّعوا على البيان، لأنهم ليسوا منضوين في «جبهة المعارضة».