22-نوفمبر-2024

“ليبانون ديبايت” – محمد المدني

يجزم مطلعون على الكواليس الرئاسية، أن رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية، يدفع ثمن “غلطة” طرح ترشيحه من قبل رئيس مجلس النواب نبيه برّي، وبدل أن يكون فرنجية مرشحاً توافقياً جامعاً، بات مرشح الثنائي الشيعي، ما جعله مرفوضاً من أكثرية القوى السياسية.

كان الأجدى بفرنجية أن يعلن ترشيحه بنفسه، من قصر جده الرئيس الراحل سليمان فرنجية أو من على منبر بكركي رأس الكنيسة المارونية، وأن يدعو بنفسه لحوار بين المكونات السياسية للإتفاق على تفاصيل المرحلة المقبلة. أقلّه ما كان وضعه ليكون بهذا السوء، وما كان ليواجه جملةً من “الفيتوات” المسيحية وغيرها.

مع صعوبة وضع سليمان فرنجية واستحالة وصول أحد من أخصامه في الوقت الراهن، يبدو واضحاً أن الأزمة الرئاسية ستطول وتطول، كل فريق يتمسك بموقفه ويرفض التنازل أو التراجع، وكل طرف يراهن على أن يكون الوقت لصالحه، وهناك حديث جدي عن احتمال استمرار الشغور الرئاسي حتى العام المقبل.

ببساطة، لا أحد من الأفرقاء السياسيين الذين يشكّلون غالبية المجلس النيابي “مستعجل” لانتخاب رئيس للجمهورية، والمقصود، الثنائي الشيعي و”التيار الوطني الحر” و”القوات اللبنانية” والحزب التقدمي الإشتراكي. وهذا ما لمسه كل من دخل على خطّ هذه القوى، من الخارج والداخل. وإحدى الخلاصات التي خرج بها الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان بعد لقائه القوى السياسية، هي أن الحل يتطلب تنازلاً من قبل الجميع وإلاّ سيبقى الأفق مسدوداً.

بدايةً من الثنائي الشيعي، فإن “حزب الله” وحركة “أمل” ليسا مستعجلين لانتخاب رئيسٍ طالما أنهما عاجزين عن إيصال فرنجية، كما أنه لا مشكلة لديهما مع حكومة تصريف الأعمال لتقوم مقام رئاسة الجمهورية في الأمور الطارئة، لذلك سيبقى الثنائي على موقفه حتى يقرر فرنجية الإنسحاب من تلقاء نفسه، وهذا أيضاً غير وارد حالياً.

“التيار الوطني” بقيادة جبران باسيل، هو أكثر من لا يريد “الحل الرئاسي”. لن يرتاح باسيل قبل أن يسقط فرنجية أولاً ثم يطيح بقائد الجيش العماد جوزف عون ثانياً. إسقاط فرنجية يحتّم على باسيل التمسّك بموقفه الرافض لزعيم “المردة” والإطاحة بقائد الجيش تتطلب بقاء الشغور حتى نهاية العام الحالي، أي عند خروج عون من موقعه في اليرزة وبالتالي تراجع حظوظه لأنه يستمد قوته “الرئاسية” من موقعه في قيادة الجيش.

لكن حسابات باسيل لا تقف عند حدود إسقاط فرنجية والإطاحة بقائد الجيش، هو يريد شراء الوقت على أمل أن تسقط عنه العقوبات الأميركية ويتسلل إلى نادي المرشحين.

إلى “القوات اللبنانية”، يعلم القاصي والداني أن سمير جعجع يهوى الصراخ على أطلال المعارضة، ولا مانع لديه أن يطول الشغور الرئاسي طالما أن تهمة التعطيل تصيب محور الممانعة. ثم إن جعجع لم يطرح حتى اللحظة أي مرشّح جدي للرئاسة أكان ميشال معوض أو جهاد أزعور، وهذا ما يؤكد عدم جدية رئيس “القوات” في التعاطي مع الملف الرئاسي.
ختاماً مع الحزب الإشتراكي: تعيش “المختارة” حالةً إنتقالية بين وليد جنبلاط ونجله تيمور. الأخير تسلّم الزعامة منذ أيام ويحتاج وقتاً لترتيب أوضاعه وعلاقاته. وطالما أن “الإشتراكي” غير قادر على لعب دور “بيضة القبّان”، فأنه سيتروى في اتخاذ القرار المناسب الذي لا يتعارض مع الثنائي الشيعي من جهة ولا مع القوى المسيحية من جهة أخرى.