أدت أعمال الشغب في فرنسا التي اندلعت عقب مقتل مراهق في السابعة عشرة من عمره على يد شرطي إلى توتر العلاقة بين رئيس البلاد، إيمانويل ماكرون، وبين سلطات إنفاذ القانون في بلاده والتي اعتبر بعض مسؤوليها أن تصريحات قاطن قصر الإليزيه قد أدت إضعاف “نظام العدالة في البلاد” وقدرته على على العمل بشكل مستقل بعيدا عن حسابات السياسة والمصالح.
وكان ماكرون قد توجه إلى مركز للشرطة في باريس، ليل الثلاثاء، لتقديم الشكر للضباط المنتشرين لقمع أعمال الشغب، ولكنه إذا كان يتوقع أن تخفف الزيارة من حدة التوترات الأخيرة مع سلطات إنفاذ القانون، فمن المحتمل أنه أصيب بخيبة أمل، وفقا لصحيفة “فاينانشال تايمز” البريطانية.
وبحسب مراقبين، فقد كان العديد من ضباط الشرطة غير سعداء بتصريحات ماكرون عقب الحادثة.
ووفقا لبعض التحليلات فإن تصريحات ماكرون كانت خطوة محفوفة بالمخاطر، فجهاز الشرطة يعد أحد أقوى المؤسسات في فرنسا، وبالتالي فإن السلطات بحاجة إليه على الدوام لنزع فتيل الغضب والاحتجاجات في الشوارع، والتي اعتادت البلاد أن تشهدها في العديد من المناسبات.
وردا على مواقف الرئيس الفرنسي، فقد اتخذت الشرطة نفسها مواقف أكثر تطرفاً من أي وقت مضى، إذ أصدرت أكبر نقابتين لهما بيانًا ناريا هذا الأسبوع، قالتا فيه إن هناك حاجة إلى اتخاذ إجراءات أقوى لمحاربة “جحافل المتوحشين” و”الآفات” الناجمة عن أعمال الشغب والمتسببين فيها.
وكانت حكومة ماكرون قد وسعت من صلاحيات الشرطة، بما في ذلك زيادة استخدام الطائرات بدون طيار وكاميرات المراقبة والسماح بتتبع أوثق للمساجد التي يشتبه في أنها تأوي متطرفين.
ومع ذلك، شكك السياسيون اليساريون والجماعات والمؤسسات الحقوقية مثل مجلس أوروبا في تكتيكات الشرطة الفرنسية وثقافتها. فلتفريق الحشود والسيطرة على الاحتجاجات، تعتمد الشرطة الفرنسية على الغاز المسيل للدموع والقنابل الصوتية وما يسمى ببنادق LBD، التي تطلق الرصاص المطاطي, وهي تكتيكات يصفها نشطاء حقوقيون بأنها شديدة العنف.
كما تلقت الشرطة الفرنسية وابلا آخر من الانتقادات بعد مقتل نائل مرزوق الذي تنحدر أصوله من شمال أفريقيا.
من جانب آخر، تركز الجدل الأخير أيضا على قانون صدر في العام 2017 الذي وسع الظروف التي يمكن لشرطة المرور بموجبها استخدام القوة المميتة لإطلاق النار على سائقي السيارات الفارين.
ولطالما مارست نقابات الشرطة ضغوطا من أجل التغيير، لكن في ذلك الوقت حذرت هيئة المدافع عن الحقوق، وهي هيئة إدارية مستقلة، من أن ذلك سيجعل القواعد أكثر إرباكًا.
ودعا تحالف “النوبيين اليساريين” في البرلمان الفرنسي إلى إلغاء فوري للقانون الذي اتهم الشرطة بتفسيره على أنه “رخصة للقتل”.
وفي الوقت الحالي، لا يبدو أن مثل هذه الاستجابة السياسية مطروحة على الورق.
ووصفت حكومة ماكرون مقتل مرزوق، الذي قال ممثلو الادعاء إنه كان يقود سيارته بدون رخصة وارتكب مخالفات مرورية بأنه حادث منعزل وليست واقعة عنصرية.
لكن في خطوة نادرة، جرى اعتقال الضابط المتورط في إطلاق النار وتم توجيه تهم أولية ضده بـ”القتل العمد”. (الحرة)