22-نوفمبر-2024

كتب داني حداد في موقع mtv:

لم يستسلم الياس بو صعب أمام تواضع نتيجته في الانتخابات النيابيّة الأخيرة بسبب حرمانه المتعمّد من أصوات ناخبي التيّار الوطني الحر التي صبّت، مع الأصوات الشيعيّة، لصالح النائب السابق ادي معلوف. منذ ذلك التاريخ وحتى اليوم، حقّق فوزاً تلو الآخر.

الردّ الأول على رئيس “التيّار” جاء عبر نجاح بو صعب، مع بعض زملائه، في إدارة معركة وصوله الى منصب نائب رئيس المجلس. ومنذ ذلك الحين، قام بأكثر من دور، علني أو مخفي، متحرّراً دائماً من رأي “التيّار”، فبادر مراراً وأعاد بناء الجسور مع الخصوم، وعلى رأسهم “القوات”، إذ زار معراب مرّتين في إطار المبادرة الرئاسيّة التي عمل عليها.
وآخر “ابتكارات” بو صعب كان إطلاقه فكرةً للنقاش من عين التينة، وهي إجراء انتخابات نيابيّة مبكرة في حال استمرّ الشغور الرئاسي. هي فكرة منطقيّة، وإن كانت غير قابلة للتطبيق في بلدٍ اعتاد التمديد لا التقصير في ولاية المجالس النيابيّة.
وإذا كان البعض صوّر فكرة بو صعب على أنّها “من كتابة وتلحين” رئيس المجلس نبيه بري، فإنّ الحقيقة غير ذلك تماماً، إذ أنّ بري لم يتحمّس أبداً لخطوة قد تؤدّي الى انتزاع رئاسة المجلس منه. واللافت أيضاً أنّ إطلاق النار على الفكرة أتى من الفريق المسيحي، بدل تلقّفها إذ أنّ من شأنها أن تؤدّي الى انتزاع رئاسة المجلس من “الثنائي”، في حال عمل هذا الفريق مع المعارضة على إيصال نائب شيعي الى المجلس.

ويبدو واضحاً أنّ بو صعب سيواصل طرح أفكار “من خارج الصندوق”، هو المتمايز جدّاً عن التيّار الوطني الحر، والغائب عن غالبيّة اجتماعاته، وهو من جاهر بالتصويت لصالح الوزير السابق زياد بارود في أكثر من جلسة انتخابيّة، ولم يلتزم في الجلسة الأخيرة بقرار التصويت للوزير السابق جهاد أزعور.
وكان واضحاً أنّ بو صعب لم يرضخ للضغوط التي مارسها النائب جبران باسيل، بل واجهه في اجتماعٍ عُقد في المجلس فور انتهاء جلسة الانتخاب، إذ أبلغه أنّه اقترع لصالح بارود. ويتوقّع ألا يبقى باسيل مكتوف الأيدي أمام تغريد بو صعب خارج سرب “التيّار”، ولو أنّ فصله سيؤدّي الى شرخٍ كبير في تكتل “لبنان القوي” الذي لم يعد، كما كان يفتخر باسيل، التكتل النيابي الأكبر إذ فتح أكثر من نائبٍ فيه على حسابه.

ولعلّ مصدر قوّة بو صعب أنّه لا يتعامل مع باسيل “من تحت”، وهو لا يقيس مواقفه بحساباتٍ شخصيّة أو انتخابيّة، ما يمنحه هامشاً واسعاً من الحركة. الفصل من “التيّار”، إن حصل، سيكون فصلاً من سيرة من بدأ مشواره في الشأن العام رئيساً لبلديّة، وأصبح اليوم الأرثوذكسي الأول.