كتبت باسمة عطوي في “نداء الوطن”:
يتسع النقاش بين المعنيين حول أثر اعتماد سعر دولار منصة صيرفة (86.200 ليرة) في موازنة العام 2023 التي يجري التحضير لها، لناحية تأثير اعتمادها لتحصيل الضرائب والرسوم للدولة وانعكاسها على الانكماش الاقتصادي، والقدرة الشرائية للبنانيين خصوصاً أولئك الذين يتقاضون رواتبهم بالليرة اللبنانية فضلاً عن تأثيرها على القطاع الخاص.
وقد جرى أمس اجتماع في السراي برئاسة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي للبحث في موازنة 2023 وسبقه تصريح لنائب رئيس مجلس الوزراء سعادة الشامي قال فيه إن «الاتجاه هو ان يكون كل شيء في موازنة 2023 على سعر صرف موحد وهو سعر صيرفة، وأن المواطن سيدفع ضريبته على سعر المنصة».
فما هي سلبيات وايجابيات هذه الخطوة (في حال اعتمادها) على الضرائب والرسوم؟ يوضح الشامي لـ»نداء الوطن» أن «الاتجاه هو أن يكون هناك سعر صرف موحد يطبق على كل بنود الموازنة وهذا رأيي. ولا أعرف لماذا الناس يستغربون هذه الخطوة خصوصاً أنه منذ ايار الماضي بدأت الجمارك تطبيق سعر صيرفة «، شارحاً أن «السعر الموحد للصرف في بنود الموازنة يؤمن مداخيل أكثر لخزينة الدولة مما يسمح لها بتعديل الاجور المتدنية للقطاع العام والاسلاك العسكرية. اذ لا يمكن أن تستمر الدولة في الصرف العشوائي وزيادة الرواتب للقطاع العام من دون تأمين مداخيل، والا ليس امامها سوى طبع المزيد من العملة، وهذا يعني المزيد من التضخم وانفلات سعر الدولار في السوق السوداء».
أضاف: «ان لاعتماد سعر صيرفة في الموازنة اثراً ايجابياً على حصيلة الايرادات العامة، اما الانكماش الاقتصادي فحاصل في البلد نتيجة الازمة. وواجبنا هو ترسيخ الاستقرار الاقتصادي لكي نتمكن من زيادة النمو، هذا هو الهدف الاساسي. ويحتاج ذلك الى عملية اصلاح بالتأكيد، ولكن لا يمكن أن يحصل من دون الحد المطلوب من الاستقرار الاقتصادي والاستقرار في الضخم».
ويشرح الاقتصادي الدكتور باسم البواب لـ»نداء الوطن» أن «اعتماد سعر دولار صيرفة في موازنة 2023 من دون شروط معينة سيكون له تأثيرات سلبية، وهذا ما شهدناه حين تم تطبيقه على رسوم الجمارك وضريبة القيمة المضافة لأنه يضرب القدرة الشرائية للمواطنين»، مشدداً على أنه «من بين الشروط المطلوبة لتخفيف الوطأة هو اعتماد دولار صيرفة على سحوبات المودعين لودائعهم لخلق نوع من التوازن، اذ لا يمكن للبنانيين أن يسحبوا ودائعهم على سعر دولار 15 الف ليرة ويدفعوا الضرائب والرسوم على سعر 86.200 الف ليرة، ولا يمكن ان تقبض الدولة رسومها وضرائبها كما كانت الحال قبل الازمة في حين ان القدرة الشرائية للمواطنين انخفضت الى اقل من النصف».
أضاف: «الاقتصاد اللبناني تقلص الى أقل من النصف. فكيف يمكن للدولة ان تتقاضى ضرائبها على سعر صيرفة؟ فهذا الامر غير عادل، ومن الافضل ان يكون دولار الرسوم والضرائب نصف سعر صيرفة الحالي تماشيا مع تقلص حجم الاقتصاد اللبناني والقدرة الشرائية للناس، والا سينعكس هذا الارتفاع سلباً. وصحيح أنه ستزيد عائدات الخزينة الا أن القدرة الشرائية للمواطنين ستتراجع أكثر وستتقلص قدرة القطاع الخاص على الاستمرار مما سيزيد البطالة وهذه هي المشكلة الاكبر».
ويعتبر البواب أن «مقاربة موضوع الضرائب والرسوم تتم بطريقة خاطئة، لأنها يجب أن تتماشى مع حجم الاقتصاد والانتاجية والازدهار الاقتصادي والهيركات الحاصل للودائع. ولا يمكن أن نقوم باي خطوة اقتصادية الا ضمن خطة اصلاحية شاملة، أي ترشيد القطاع العام وضبط الحدود والاقتصاد الموازي». وختم: «لا يمكن ان نستمر بالحلول الجزئية التي تفرض الضرائب على المواطنين».