تزدهر تجارة الأسلحة الفردية في لبنان، خصوصا بعد تفشي السرقات والنشل التي تستهدف كل فئات المجتمع والمناطق دون استثناء، لكن اللافت هو إقبال النساء على حيازة مسدسات للدفاع عن أنفسهن.
وإذا كانت ظاهرة امتلاك السلاح الناري شائعة في لبنان، حتى قبل سنوات الحرب الأهلية (1975-1990)، فإن تلك الظاهرة كانت مقتصرة على الرجال، أما الجديد فيها هو دخول النساء على خطها.
وبعد مرور أكثر من 30 عاما على نهاية الحرب الأهلية، تشير تقديرات دولية، إلى وجود نحو مليوني قطعة سلاح بين أيدي اللبنانيين وفي خزائنهم.
ونقلت وسائل إعلام محلية عن جهاز أمني معطيات تفيد بأن “أعدادا كبيرة من المسدسات صغيرة الحجم من عيار 5 و6 مليمتر يتم شراؤها من قبل النساء بطريقة يومية وبأعداد كبيرة، لا سيما في مناطق لم تنشط فيها تجارة السلاح وحمل السلاح من قبل”.
المسدس في الحقيبة
يوضح أحد الوسطاء في بيع الأسلحة، الذي رفض الكشف عن هويته لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن “ظاهرة جديدة هذه الأيام لدى النساء، تتمثل بحمل هذه المسدسات في حقائب اليد الخاصة بهن، على غرار الهاتف الخلوي أو زجاجة العطر، وذلك من أجل الحماية الشخصية بعدما كثرت السرقات والتعديات عليهن في الآونة الأخيرة”.
وتشير ليلى سيف الدين (مقاتلة سابقة في أحد الأحزاب اللبنانية في فترة الحرب) إلى أنها لا تزال تعرف جيدا كيف تحمي نفسها من ملاحقة نشال ينوي نشل حقيبتها.
وأضافت سيف الدين: “اشتريت مسدسا صغيرا مرخصا أحمله في حقيبتي إلى جانب عدة الماكياج كلما تنقلت في الشارع أو استقليت سيارتي”.
وترى ندى حلواني أن اقتناء المسدس أمر ضروري للمرأة في لبنان، خصوصا بعدما أضحى السارق المحترف يقتحم السيارة دون خوف.
وقال أحد تجار الأسلحة في شمال لبنان لموقع “سكاي نيوز عربية: “إن المسدسات الصغيرة مطلوبة وتميل بغالبيتها إلى اللون الفضي وتباع للنساء”.
مصدر أمني يعلق
مصدر أمني مسؤول قال لموقع “سكاي نيوز عربية”: “إن مهمة ترخيص الأسلحة محصورة بوزارة الدفاع”.
وأوضح أن “أجهزة الأمن في الطرق عليها توقيف كل فتاة أو شاب في حوزتهم سلاح غير مرخص”.
ارتفاع في سرقة السيارات
سجّلت المؤشرات الأمنية في لبنان استنادا إلى البيانات الصادرة عن المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي ارتفاع نسبة جرائم سرقة السيارات.
لدى المقارنة بين العامين 2022 و2023 من يناير إلى أبريل هناك ارتفاع في جرائم سرقة السيارات بنسبة 8.4 في المئة.سجّلت المؤشرات تراجعا في عدد القتلى بنسبة 20.3 بالمئة وجرائم السرقة بنسبة 38.3 بالمئة وجرائم الخطف بنسبة 74.2 بالمئة،
مع الإشارة إلى أن هناك حوادث سرقة أو قتل أو انتحار أو خطف لم يتم الإبلاغ عنها، وبالتالي من المرجح أن تكون الأعداد الفعلية أكبر.
وقالت الخبيرة في علم الاجتماع، أديبة حمدان، لموقع “سكاي نيوز عربية”: “إن ظاهرة السرقة تنتشر في مناطق لم تكن متوقعة والتفلت الأمني سبّب القلق من التعرض لأي اعتداء خاصة أن نسبة السرقات في ازدياد وتستهدف الجميع وارتفعت معدلاتها لدرجة أن النساء صرن يحمين أنفسهن يأخذن احتياطات شخصية معينة”.
وتابعت حمدان: “في ظل غياب هيبة الدولة يستعد المواطن سواء كان ذكرا أم أنثى لحماية نفسه”.
وأردفت:” ليست كل امرأة لديها القوة الشخصية لحماية نفسها أو لحمل السلاح، إنما هناك بعض السيدات اللواتي يلجأن إلى أدوات غير عنيفة ولإقتناء البخاخات السامة، وكل ذلك يصب في خانة الخوف من الاعتداءات التي انتشرت في كل المناطق”.
وقالت حمدان إن: “المرأة كائن ضعيف جسديا وهي بادرت للتسلح للدفاع عن نفسها لتكون قادرة على مواجهة الاعتداء حتى لو تطلب الأمر استعمال السلاح”.
واعتبرت حمدان أن الأمر “طبيعي لأننا نعيش في ظروف غير طبيعية”.
تهافت على الألعاب القتالية
وكشفت حمدان عن “تهافت الفتيات على التدرب على ألعاب الدفاع عن النفس مثل التيكوندو والجودو لحماية أنفسهن”.
وختمت حمدان بأن “السلاح لا يحل المشكلة وهو دليل على عدم الثقة في وقت اختفى فيه طلب الحماية من الأمن”.