24-نوفمبر-2024

يتصاعد الحديث منذ مدة حول ما ينتظر لبنان والليرة والودائع ومصرف لبنان المركزي، بعد انتهاء ولاية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة في نهاية تموز المقبل، حيث أن كل الأطراف والمرجعيات المحلية وحتى الخارجية، لا تضع في حساباتها فقط مسألة من سيخلف سلامة بل الأهم ماذا سيفعل الذي سيخلفه، خصوصاً في حال بقي الوضع السياسي على ما هو عليه من شغور في رئاسة الجمهورية وشلل حكومي وتشريعي يعرقل مسيرة الإصلاح.
الحاكم الوحيد في زمن التعطيل والفراغ

وبمعزل عن كل الإتهامات الموجهة لسلامة ، وما تعرض له من حملات لم تخل من الطابع السياسي في السنتين الماضيتين، لا بد من الإعتراف إنه كان وما زال، المسؤول الوحيد في البلد الذي وقف في وجه التعطيل والفراغ ولعب دوراً للحد من الأزمة المالية والنقدية ، ولم يلق أي مساندة من الجهات الحكومية والنيابية . وبالتالي، ولولا التعاميم والقرارات التي أصدرها ، وخصوصاً مبادرته إلى إنشاء منصة صيرفة ، لكانت حال الفوضى قد اتسعت أكثر في القطاع المصرفي ، كما أن سعر الدولار ، المتفلت من أي ضوابط، كان سيرتفع ومن دون أية حدود أو سقوف واضحة، وكذلك كانت أوضاع اللبنانيين، وعلى خطورتها، ستكون أسوأ مما هي عليه اليوم.

فشل أركان “المحاصصة”

لا نقول هذا الكلام من أجل نفي أي مسؤولية على سلامة لجهة الوضع المالي الحالي ، ولكننا نقوله لأنه واقع يلمسه كل اللبنانيين ، الذين عليهم أن يسألوا في المقابل عن دور ومسؤولية السلطة السياسية التي حالت دون أي إجراءات لتفادي الإنهيار المالي، فماذا فعل رئيس الجمهورية السابق ؟وماذا فعلت الحكومة ؟وماذا فعل المجلس النيابي؟ هل توصلوا إلى خطة إنقاذية فعلية؟هل بدأوا بالإصلاحات؟هل توصلوا إلى اتفاق مع صندوق النقد؟

كل ما قام به هؤلاء ، هو العمل خلافاً للمصلحة العامة والمطلوب من إجراءات ، بل على العكس،لقد تسببوا بالشغور في رئاسة الجمهورية وحالوا بالتالي دون تشكيل حكومة جديدة فاعلة ، واستمروا في خلافاتهم في المجلس النيابي،وواصلوا رمي كرة المسؤولية عنهم باتجاه سلامة، وفي الوقت نفسه إطلاق الشعارات أمام اللبنانيين الخائفين على مصير الليرة بعد نهاية ولاية سلامة.

هروب من كرة النار

وعلى الرغم من كل ما يتم إطلاقه في الآونة الأخيرة حول الشخصيات المرشحة لخلافة سلامة في المركزي، فإنه من غير الممكن عزل الهاجس والدور الرئيسي الذي سيضطلع به الحاكم الجديد، وذلك لجهة القدرة على لجم أي ارتفاع دراماتيكي في سعر صرف الدولار أولاً كما الثقة بقرارات سلامة وقدرتها على ابتكار الحلول مهما كانت خطورة الأزمة وعلى الرغم من الواقع السياسي ثانياً. وفي هذا السياق، لا بد من الإشارة إلى أن لائحة المرشحين للحاكمية ، ما زالت غير محسومة، خصوصاً وأن الأطراف والمرجعيات التي تتداول هذا الملف، لا تخفي خشيتها من تحمل كرة النار التي يحملها سلامة، وهي تتفادى أن تنقلب شعاراتها وحملاتها ضد سلامة عليها عندما تتولى مسؤولية الملف النقدي والمالي.

لا بديل عن تعاميم سلامة

سيغادر رياض سلامة مصرف لبنان نهاية تموز المقبل وإن لم يأت خلف له، قادر على أن يتحمل المسؤولية بجدية ، فلن يكون أمام المجلس المركزي لمصرف لبنان ، سوى مواصلة السياسات التي وضعها سلامة فربما من خلالها يستمر الإستقرار الحالي في سعر الدولار وربما تكون منطلقاً لاستعادة المودعين لما تبقى من ودائعهم إن قررت السلطة أن تحزم أمرها وتعترف أيضا بمسؤوليتها إلى جانب المصرف المركزي والمصارف في ضياع جزء كبير من الودائع.