23-نوفمبر-2024

جاء في “نداء الوطن”: 

تحسّنت ديون الأسواق الناشئة، لكن حفنة من سندات عددٍ قليل من الدول الأكثر تعرضاً للمخاطر لم تستفد من هذا التحسّن، في ظل قلة الدلائل على تغيّر هذا الوضع. وكبّدت السندات الدولارية لدول مثل تونس والأرجنتين ولبنان ومصر المستثمرين خسائر فادحة الشهر الجاري، وساهمت بالقدر الأكبر في التراجع البالغ 0.7% لمؤشر «بلومبرغ» للسندات السيادية للأسواق الناشئة.

أثّر الأداء السلبي لتلك الدول على هذه الفئة من الأصول المرنة نوعاً ما، والتي تتهيّأ للاستفادة من انحسار التضخم واقتراب البنوك المركزية من نهاية دورات التشديد. وبينما تتباين مشكلاتها الاقتصادية، تتّسم تلك الدول ذات الأداء المتراجع بضعف أسواقها الائتمانية واعتمادها المفرط على دعم المقرضين المتعدّدي الأطراف مثل صندوق النقد الدولي.

جو ديلفوكس، مدير أموال لدى «أموندي» ومقيم في لندن، يقول إن «الدول التي تقع تحت الضغط تتسبّب بوضوح في أكبر المخاوف» للمستثمرين. وتابع: «يمكن أن ترتكز بعض المخاوف في الأساس على استدامة الديون، بينما تواجه بعض الدول أيضاً مشكلات سياسية مجدداً».

طريق مسدود وقليل من التفاؤل

باتت بعض هذه الدول بالفعل، مثل لبنان، في حالة تعثر عن السداد، ويدرس المستثمرون احتمال أن تحذو البقية حذوها بعد أن عادوا بقليل من المؤشرات المطمئنة من اجتماعات الربيع لصندوق النقد الدولي في واشنطن الشهر الجاري. وأظهرت الاجتماعات – التي تقيس إمكانية التوصل لحزم مساعدات تمويلية من عدمه – أن الحكومات والمقرض المتعدد الأطراف ما زالوا يواجهون طريقاً مسدوداً في ما يخصّ العديد من الحالات.

كتب الاستراتيجيون في «مورغان ستانلي آند كو» في مذكرة: «لم نأت من الاجتماعات بمزيد من التفاؤل» حول السندات منخفضة التصنيف الائتماني. وأضافوا أن المناقشات كانت تميل «للجانب المتشائم» في ما يخصّ صفقات عديدة بما في ذلك مع مصر وتونس.

فقدت سندات هاتين الدولتين ما يعادل 9% الشهر الجاري، بينما سجّلت الديون من لبنان والسنغال وكينيا خسائر في نطاق 5%، وفق بيانات جمعتها «بلومبرغ».

وقت الإصلاحات ينفد

ينفد الوقت أمام العديد من الحكومات لإصلاح اختلال الأوضاع المالية العامة والفوز ببرامج صندوق النقد الدولي. تواجه مصر نقصاً حاداً في القمح، إذ تغطي المخزونات أكثر قليلاً من شهرين من الاستهلاك، في وقتٍ تستعر فيه أزمة العملة الصعبة.

كما اضطرت كينيا لتأجيل مرتبات العاملين في القطاع العام، أما البنك المركزي في الأرجنتين فقد رفع أسعار الفائدة بمقدار 300 نقطة أساس إلى 81%، في محاولة لكبح التضخّم المتفشي.

مارك بولاند، كبير باحثي قسم الائتمان لدى «ريد انتليجنس» (REDD Intelligence): «الكثير من الدول بحاجة للأموال الآن وإلا فستضطر للاقتراض بأسعار فائدة عالية للغاية سواء محلياً أم خارجياً، وإذا اقترضوا بأسعار السوق العالية الحالية، فسيزداد الطين بلة».

في خطوة مفاجئة، تلقّت الأرجنتين، أسوأ الدول أداءً، شريحة أخرى قيمتها 5.4 مليارات دولار من صندوق النقد الدولي نهاية الشهر الماضي، ويشعر المستثمرون بالتفاؤل بأن تجلب الانتخابات المقبلة حكومة أكثر صداقة للسوق. مع ذلك، نظراً لتأثر الدولة صاحبة التعثر المتكرر سلباً من اقتراب التضخم من رقم ثلاثي الخانات وهبوط احتياطيات النقد الدولية، فقد هبطت سنداتها بما يناهز 12% الشهر الجاري.

إحتمال قائم لتحقيق أرباح

بالنسبة للمستثمرين الراغبين في تحمل المخاطر، فإن هناك احتمالاً لتحقيق أرباح هائلة من الرهان على السندات الأكثر تعثراً.

تتداول العديد من سندات الدول الأكثر خطورة دون القيمة التي قد يتوقّع المستثمرون الحصول عليها في حال هيكلة الديون. وبلغ متوسط قيمة الاسترداد على السندات السيادية المتعثرة خلال العقود الأربعة الماضية 50%، مع ذلك، كانت هناك قيم استرداد عالية تصل إلى 95%، حسبما ذكرت إلين داغر، كبيرة مسؤولي الائتمان لمنطقة الأميركيتين لدى «موديز». يثبت التاريخ أن شراء المستثمرين الديون المتعثرة يكافئهم سريعاً فور حدوث أي تقدم في المحادثات مع المقرضين، وتقدم بوليفيا مثالاً في هذا الصدد، إذ كان دين الدولة صاحب أسوأ أداء في أوائل نيسان، لكنه تعافى الأسبوع الماضي على خلفية علامات أنها ستحصل على دعم مالي متعدد الأطراف.

في تونس، على سبيل المثال، يمكن أن يتوقع حاملو السندات معدل استرداد 74 سنتاً على الدولار في المتوسط، حسبما أشار محللو «مورغان ستانلي آند كو انترناشونال». يتم تداول السندات المستحقة في 2026 حالياً حول 49 سنتاً، وفق بيانات جمعتها «بلومبرغ». ومع ذلك، لم تحرز الحكومة أي تقدم في المفاوضات مع صندوق النقد الدولي.

كتب المحلل نيفيل مانديميكا، في مذكرة بتاريخ 19 نيسان: «الجمود المطول (في المفاوضات) مع صندوق النقد الدولي يجعلنا أقل تفاؤلاً»، مضيفاً أن البنك خفض تصنيفه لديون الدولة إلى «غير المرغوب بها». وقال: «إذا استمرّ ذلك، فستنزلق تونس إلى مصاف المتخلفين عن السداد».