كتبت كارولين عاكوم في “الشرق الأوسط”:
تتجه الأنظار في لبنان إلى الأسبوع المقبل، وتحديداً يوم الثلاثاء، الذي يُفترض أن يشهد جلستين للحكومة ولمجلس النواب، بحيث بات شبه مؤكد أن البرلمان سيعمد إلى إرجاء الانتخابات البلدية والاختيارية والتمديد للمجالس المحلية بين 4 أشهر وسنة، بينما يُفترض أن تبحث الحكومة في تغطية نفقات هذه الانتخابات، وهو الأمر الذي سيصبح دون فائدة.
ومع إصرار كل من حزب «القوات اللبنانية» وحزب «الكتائب اللبنانية» على رفض التشريع في مرحلة الفراغ الرئاسي، وبالتالي امتناعهما عن حضور جلسة التمديد، من المرجَّح أن يشكل «التيار الوطني الحر» الغطاء الميثاقي لها، علماً بأن نائب رئيس البرلمان النائب في كتلة «التيار» إلياس بو صعب سبق أن أعلن عن نيته التقدم باقتراح قانون للتمديد للمجالس البلدية والاختيارية 4 أشهر، وأقر أن إجراءها في الوقت الحاضر بات شبه مستحيل.
وبينما بات الجميع يتعاملون على أن الانتخابات البلدية أصبحت بحكم المؤجَّلة، وهو ما تسعى له معظم الكتل النيابية بشكل مباشر وغير مباشر، فإن هذا التأجيل، إذا حصل، سيكون عرضة للطعن أمام المجلس الدستوري، وفق ما يؤكد خبراء قانونيون انطلاقاً من أن البرلمان هو هيئة ناخبة وليس هيئة تشريعية في مرحلة الفراغ الرئاسي، وهو ما أشار إليه يوم أول من أمس رئيس حزب «القوات اللبنانية»، سمير جعجع، مؤكداً أن التمديد للمجالس البلدية غير دستوري، متحدثاً عن «عملية غش موصوفة».
ويتفق الوزير السابق ونقيب محامي الشمال السابق رشيد درباس والخبير القانوني والدستوري سعيد مالك على أن التمديد قابل للطعن، علماً بأن هناك سابقة مماثلة سُجّلت في عام 1997، حيث عمد المجلس الدستوري إلى الطعن بقانون تأجيل الانتخابات البلدية.
ويقول درباس لـ«الشرق الأوسط»: «هناك نقطتان يمكن أن تشكلا سبباً للطعن؛ الأولى أن المجلس هيئة ناخبة رغم أن هذا الأمر قد يكون عرضة للخلاف في الرأي. أما النقطة الثانية فإن تأجيل الاستحقاقات يمكن أن يحصل لدواعٍ داهمة وغير متوقَّعة ولا يمكن تلافيها، وبالتالي في حالة إرجاء الانتخابات إذا حصلت، يكون السؤال: أين الحالة الحرجة التي أدت إلى التأجيل؟ خصوصاً أن التمويل متوفر والمجلس النيابي الذي بإمكانه أن يجتمع ليؤجل يمكن أن يجتمع ليقر الاعتمادات، كما أنه بمقدور الحكومة أن تلجأ إلى اعتمادات السحب الخاص». من هنا يلفت درباس إلى أنه «بغض النظر عما يمكن أن يكون عليه حكم المجلس الدستوري، فإن هاتين النقطتين تشكلان برأيي سببين قويين قد يعرضان القانون للطعن».
بدوره، يوضح الخبير الدستوري والقانوني سعيد مالك هذه المسألة بالقول لـ«الشرق الأوسط»: «من الثابت أنه في حال صدر قانون التمديد سيكون معرضاً للطعن أمام المجلس الدستوري لعلتين: الأولى صدوره عن هيئة ناخبة وليست تشريعية، كون البرلمان الحالي هيئة ناخبة، وليس هيئة تشريعية، عملاً بالمادتين 74 و75 من الدستور، وبالتالي صدور قانون التمديد يكون قد حصل في جلسة غير قانونية، وكل جلسة يعقدها البرلمان في غير المواعيد المحددة لها، وعملاً بأحكام المادة 31 من الدستور هي باطلة، أي أن كل قانون يصدر نتيجة هذه الجلسة يُعتبر باطلاً».
أما العلة الثانية، بحسب مالك، فهي أنه «بحال صدور هكذا قانون يكون قد ضرب مبدأ تداول السلطة الذي له قيمة دستورية، إضافة إلى مبدأ محدودية وكالة المواطن للمجالس البلدية، وتحديدها بمدة معينة، وبالتالي تمديد هذه المدة يُعتبر مخالفة دستورية قد تؤدي إلى الطعن بالتمديد».
ومع تأكيد جعجع على عدم دستورية التمديد، لم تحسم مصادر «القوات» ما إذا كانوا سيقدمون على الطعن بالقانون إذا أُقر، مشددة على أن مواجهة هذا الأمر مستمرة. وتقول المصادر لـ«الشرق الأوسط»: «نخوض معركة إتمام الانتخابات خطوة خطوة، وعندما تنجح الكتل بالتمديد لكل حادث حديث». وتضيف: «لا نزال نحاول منعهم من خلال الضغط في هذا السياق»، مذكرة بسابقة حصلت عام 1997 وأدت إلى الطعن بقانون التمديد للمجالس البلدية ومن ثم بطلانه».
وترد مصادر نيابية في «حركة أمل» التي يرأسها رئيس البرلمان نبيه بري، على معارضي التمديد بالقول: «الطعن حق يمنحه القانون والدستور لأي طرف يعارض أو يرى التباساً ما في أي موضوع»، متحدثة لـ«الشرق الأوسط» عن مزايدات لدى بعض الأفرقاء، مشككةً في الوقت عينه في أنهم سيتجهون إلى الطعن بالتمديد، بالقول: «كلنا نعلم أن الجميع لا يريد الانتخابات، وكل الأفرقاء يبعثون برسائل في هذا الإطار».
وفي حين تشير المصادر إلى أن التوجه إلى إرجاء الانتخابات، تؤكد أن التمديد تقني لاستحالة إجراء الانتخابات لأسباب مادية ولوجيستية، وتقول: «المجلس سيرمي الكرة في ملعب الحكومة التي لن تكون مقيدة بمدة السنة، بل إنه يحق لها أو لأي حكومة مقبلة إجراؤها في أي وقت تراه مناسباً خلال هذا العام، ولو بعد أسبوع من قرار التأجيل».
وتؤكد المصادر أن «أكثر طرف لا يخشى الاستحقاق الانتخابي هو محور الممانعة»، سائلة «القوات»: «هل كان مسموحاً للمجلس بأن يشرع في عام 2016 في مرحلة الفراغ الرئاسي حيث كان نوابه يشاركون في الجلسات بينما اليوم لم يعد ذلك مسموحاً به؟».