ألقى وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال عبدالله بو حبيب كلمة في مؤتمر القدس في جامعة الدول العربية – القاهرة، نقل في بدايتها تحية رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي “الذي حالت الظروف دون مشاركته”، وقال: “إنه لمن دواعي الغبطة أن ينعقد مؤتمر دعم القدس الذي قررته القمة العربية التي استضافتها مشكورة الشقيقة الجزائر في تشرين الثاني الماضي، خلال هذا الوقت القصير، وبهذه المشاركة المميزة والمعبرة لهذا الحشد من المنظمات الإقليمية والدولية. لذلك استهل كلمتي بتوجيه الشكر إلى وزير خارجية فلسطين رياض المالكي والى الامين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط وفريق الأمانة العامة على الجهود التي بذلوها من أجل انعقاد هذا المؤتمر، بأفضل شكل ممكن”.
وأضاف: “وإذ يتزامن انعقاد مؤتمر دعم القدس مع تطور جديد وخطير في سياسة الاحتلال الإسرائيلي ضد أهلنا في القدس تنذر بالمزيد من الجرائم، فإن ذلك يؤكد صوابية قرار القمة والحكمة في المسارعة إلى تنفيذه”.
وتابع: “نجتمع اليوم فيما يتواصل التصعيد الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني بقيادةِ وتحريض معلنين من قبل الوزراء والمسؤولين في حكومة الاحتلال المتطرفة، والتي تولى وزير الأمن فيها اقتحام الحرم القدسي الشريف. وان هذه التطورات والاعتداءات الإسرائيلية الأخيرة خير دليل على طبيعة السياسة العدوانية المستمرة تجاه الشعب الفلسطيني الذي يكافح بشكل يومي للدفاع عن أرضه وحقه، وفي طليعتها مقدساته الإسلامية والمسيحية، حيث تشكل القدس القضية المركزية والأهم في وجدانه، والتي تعرضت لمحاولات شتى تهدف الى تهويدها وإنكار وتغيير هويتها الفلسطينية التاريخية المتجذرة”.
وقال: “فيما كانت القدس، في الواقع كما في الوجدان العربي والدولي، عاصمة تحتضن الديانات السماوية كافة ونموذجاً للتعددية والتنوع، ينبغي الحفاظ عليها، تسعى إسرائيل جاهدة لتغيير طبيعة مجتمعها وتنوعه، بهدف تهويدها وتكريس آحاديتها من خلال تقويض الوجود الفلسطيني فيها. كما تقوم بتشويه النمط العمراني التاريخي للقدس العتيقة، وسحب الهويات من السكان العرب في القدس، واستهداف مناهج التعليم العربية ضمن خطة للتأثير على الأجيال الفلسطينية الصاعدة لدفعها الى الهجرة وترك القدس”.
وأشار الى أن “المسألة الأهم، اليوم، في ما يتعلق بحماية القدس والحفاظ عليها، تكمن خصوصاً في مضاعفة الجهود من أجل ضمان بقاء أهلها فيها وتشجيعهم على عدم مغادرتها رغم كل الضغوطات والتهديدات.
لذلك، يجب أن ينصب دعم الأخوة الفلسطينيين في فلسطين ليس على المستوى السياسي فحسب، بل أيضاً من خلال دعم المشاريع التنموية والحيوية والاجتماعية فيها، خصوصاً في القدس، من المدارس والجامعات والأندية وصولاً الى الاستثمارات التي تخلق فرص عمل جديدة أمام الأجيال الشابة”.
وأردف: “كذلك يرتدي التمسك بالوصاية الهاشمية على الأماكن المقدسة، أهمية كبيرة كون احترام وتفعيل هذه الوصاية من شأنه تعزيز ثقة الشباب الفلسطيني بقدرته على حماية مقدساته وأرضه”.
وأكد أن “الحماية الدولية للشعب الفلسطيني هي القادرة على ردع الاحتلال من مواصلة عمليات قتله للفلسطينيين وتدميره لممتلكاتهم، وهي ضرورية لمساعدة الشعب الفلسطيني على مواجهة العدوان الإسرائيلي والاستيطان الاستعماري. وتوفير هذه الحماية هو أمر ممكن اذا قام مجلس الأمن، وخصوصاً الاعضاء الدائمون فيه، بتحمل مسؤوليته وتنفيذ جميع قراراته المتعلقة بالقضية الفلسطينية ذات الصلة، والعمل على وقف الممارسات الإسرائيلية وإزالة المستوطنات وجدار الضم والتوسع، والتي تمثل انتهاكا للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة واتفاقية جنيف الرابعة والرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية الصادر بتاريخ 9/7/2004”.
وتابع: “إلى ما تمثله القدس بذاتها، فانها رمز القضية الفلسطينية الذي قد يُوازي حق العودة، بالمكانة. وهذه القضية العادلة تمثل التحدي الأكبر أمام دعاة حق الشعوب في تقرير مصيرها وحقوق الانسان واحترام القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية. وما لم يتم التوصل الى الحل الدائم والعادل لها، سيبقى الأمن والإستقرار والازدهار في الشرق الأوسط أمورا بعيدة المنال. لذلك لا بد من التأكيد دائما على مركزية القضية الفلسطينية وعلى الدعم المطلق لحقوق الشعب الفلسطيني في الحرية وتقرير المصير وتجسيد دولة فلسطين المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس، وحق العودة والتعويض للاجئين الفلسطينيين، وهو ما تجسده مبادرة السلام العربية الصادرة عن قمة بيروت 2002 بكامل مندرجاتها والحافظة للحقوق الشرعية للشعب الفلسطيني، وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة”.
وختم بو حبيب آملاً في أن “يتوصل هذا المؤتمر رفيع المستوى الى القرارات التي تنتظرها شعوبنا العربية في مجال توفير الحماية الحقيقية للقدس والمقدسيين، وخصوصاً لجهة النجاح في تعميق إدراك المجتمع الدولي بخصوصية وحساسية وخطورة الوضع التاريخي للمدينة المقدسة وتحفيزه على تحمل مسؤولياته التاريخية في هذا الإطار، وخصوصاً الإقلاع عن سياسة ازدواجية المعايير التي تمارسها بعض الدول الكبرى في معالجتها للقضايا الدولية”.