27-نوفمبر-2024

كتب جورج شاهين في” الجمهورية”: تطورات الأيام الاخيرة التي سبقت اللقاء ادت الى اعتبار المسودة الفرنسية من الماضي فكلفت باريس بتيويمها على ضوء المواقف الأخيرة. هل كان مخطئىا من راهن كثيرا على لقاء باريس ونتائجه.

المعلومات الأولية التي توافرت من اكثر من مصدر غربي وخليجي، أثبتت عقم هذه النظرة، اذ تبين ان الاجتماع الذي استمر اربع ساعات ونيف انتهى الى أكثر من قراءة مختلفة ومتناقضة. فبعض الأفكار السعودية والأميركية اصطدمت بمشروع الصيغة النهائية التي أعدّتها فرنسا، خصوصا على مستوى الرهان على ما يمكن ان يطلبه المجتمعون من أهل الحكم في لبنان، فعجزهم فاق كل التوقعات ولم تكن باريس قد اطّلعت على نتائج زيارة موفد الرئيس الفرنسي المكلّف تنسيق المساعدات الى لبنان بيار دوكان الذي نقل الى الخارجية الفرنسية ما سُمي “التقرير الاسود” الذي نعى فيه أي أمل في ان تُنجز المنظومة اللبنانية الحد الادنى مما هو مطلوب وما كان متوقعاً منها.

وما زاد في الطين بلة، انّ دوكان تبلّغ قبل انتقاله من القاهرة وعمّان الى بيروت بتجميد البنك الدولي البحث من طرف واحد في طلب لبنان قَرض الـ 300 مليون دولار لتمويل استجرار الغاز المصري والكهرباء الاردنية عبر الأراضي السورية. وهي خطوة سلبية جاءت في وقت باتَ صندوق النقد الدولي متردداً ومشككاً بقدرة اللبنانيين على تنفيذ الخطوات الأولى التي تحدّث عنها الاتفاق المُبرم على مستوى الموظفين في 9 نيسان من العام الماضي. فتراكمت المؤشرات السلبية التي اضيفت الى حصيلة جولة وزيرة الخارجية الفرنسية على الرياض وأبو ظبي. وباتت الورقة الفرنسية وكأنها في رأي الاميركيين والسعوديين من الماضي وهي في حاجة الى عملية “تيويم”. فكانت الدعوة الاميركية الى التريّث في ابداء أي رأي او البت بأي خطوة اضافية تجاه لبنان مهما كانت متواضعة، فأيّدتها قطر ومصر وانتهت المناقشات الى تفويض الفرنسيين تجديد مقترحاتهم والأخذ في الإعتبار ما انتهت اليه التطورات الاخيرة.
وبناء على ما تقدم، لا يمكن لبعض المراجع الديبلوماسية ان تضيف الى هذه المعطيات أي معلومة مفيدة سوى الاسترسال في التنظير. فتوقف الحديث عن السيناريوهات المرتقبة باتَ رهن ما يمكن ان يقوم به اللبنانيون قبل غيرهم من خطوات، وان عليهم تترتب المسؤولية الاولى في التقدم بانتخاب رئيس للجمهورية. فباستثناء باريس ليس لدى الدول الاربع أي مرشح رئاسي لِتتقدّم الصفوف في اتجاه مثل هذه الخطوة التي ينتظرها بعض اللبنانيين وما عليهم سوى التصرف على هذا الأساس.