22-نوفمبر-2024

كتبت غادة حلاوي في “نداء الوطن”: 

حتى اليوم لم تنجح مساعي جمع النوّاب في بكركي بما يفضي إلى الإستنتاج أن لا حوار نيابياً حول الرئاسة. دعوة النواب المسيحيين الـ64 للاجتماع في حضرة البطريركية المارونية لن تكتمل على ما يبدو بسبب رفض كتل نيابية أساسية ومرشحين للرئاسة المشاركة في الإجتماع. فبعد زيارة وفد «الجمهورية القوية» إلى بكركي، كان واضحاً أنّ «القوات اللبنانية» لا تعتزم المشاركة، بينما أبلغ رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية البطريرك الماروني بشارة الراعي أنّه يفضّل تغليب صيغة اللقاءات الثنائية على الإجتماع النيابيّ الموسّع وهو الإقتراح الذي لم تتشجّع له بكركي.

كلّ لسببه، رفض فرنجية و»القوات» لقاء النواب المسيحيين، الأوّل لعلمه أنّ أكثرية المجتمعين قد لا تؤيد ترشيحه والثاني لأنه لا يزال يؤيد ترشيح ميشال معوّض وإلّا فقائد الجيش جوزف عون. المأزق الرئاسي المسيحي لا يزال على حاله.

وليس الحال أفضل على جبهة الثنائي الشيعي الساعي إلى خوض معركة ترشيح فرنجية خلف الكواليس. هنا أيضاً باءت محاولاته بالفشل واصطدمت صيغة الـ65 التي سعى إلى تأمينها لانتخاب فرنجية بحائط مسدود. تقول مصادر مطلعة على أجواء الثنائي إنّ عدد النواب ممن يمكن المونة عليهم لانتخاب فرنجية لم يتجاوز الستين نائباً بعد، رغم المرونة التي أبداها رئيس «الحزب الإشتراكي» وليد جنبلاط. لكن عدم اقتناع رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل بتأييد ترشيح فرنجية شكّل عائقاً، وهو عاد وأبلغ وفد «حزب الله» الذي زاره حديثاً في ميرنا الشالوحي أن انتخاب فرنجية من «رابع المستحيلات».

في المقابل يتفق فريق الثامن من آذار على عدم تأييد ترشيح قائد الجيش العماد جوزف عون ولذلك نُقل عن رئيس مجلس النواب نبيه بري أنّ التعديلات الدستورية صعبة، لكنه وفريقه، وعكس باسيل، لا يجد ضيراً في التمديد لمهام جوزف عون على رأس المؤسسة العسكرية.

لا مشكلة عند باسيل بانعقاد جلسة نيابية تشريعية لكنه لن يقبل بالتمديد لقادة الأجهزة الأمنية لقطع الطريق على العماد عون في الجيش والرئاسة معاً، بينما وافق على تمديد سنوات الخدمة لمدير عام الأمن العام اللواء عباس إبراهيم لكونه مدنياً. بينما ينتظر الجميع موقف رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي المتمسّك بالتمديد لمدير عام قوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان رغم الكيمياء المفقودة بينهما. حريص ميقاتي على إرث «الحريرية» في الإدارة سواء كان سياسياً أم عسكرياً. وبذلك يكون التمديد للواء إبراهيم قد قطع منتصف الطريق. عرّاب التمديد للواء إبراهيم ومفتيه القانوني هو المحامي والوزير السابق ناجي البستاني الذي قيل إن اسمه يتردّد في كواليس الرئاسة. هو أقرب إلى الثنائي من قائد الجيش. يطرح على سبيل كونه مرشحاً تسووياً ما يحمل البعض على الإعتقاد بإمكانية أن يكون هو «الخطة باء» في حال فشل الإتفاق على فرنجية.

هذا لا يعني أنّ «حزب الله» غادر محور تبنّيه ترشيح فرنجية «والخطة باء» لم يحن موعدها بعد وهي مرهونة بفشل تأمين عبور فرنجية نيابياً إلى سدّة الرئاسة. سيستمرّ الثنائي في الدفع باتجاهه إلى أن يقتنع فرنجية بانعدام حظوظه فيتراجع. لكن فرنجية لم ييأس بعد وتقول المعلومات إنّ موفدين عنه على تواصل مع جهات عربية ودولية لجسّ النبض مجدّداً حول ترشيحه لا سيّما مع السعودية والفاتيكان. وفي انتظار ما سيرشح عن مساعي المرشح الرئاسي، فلن يغامر من يدعمه بالذهاب لانتخابه قبل الحصول على ضمانات بفوزه.

ورغم ذلك تستبعد مصادر مطلعة الحديث عن ترشيح ناجي البستاني، لأنه سيشكل إستفزازاً جديداً لباسيل لكونه سينسف حكماً ترشيح النائب فريد البستاني وهو عضو في «تكتل لبنان القوي»، ولصعوبة طرحه من قبل «حزب الله» لحاجته إلى حاضنة مسيحية غير متوفرة. تقول المصادر إن فرضية «البساتنة» رئاسياً مستبعدة. وتفضّل عدم الذهاب بعيداً في التخمينات لأنّ الأسماء المطروحة للرئاسة هي من خارج الحياة النيابية نهائياً. وتتابع قولها إنّه لا إمكانية لـ»حزب الله» أو للثنائي طرح مرشح رئاسي ماروني وهذا حق محصور بالكتل المسيحية، وأي محاولة شبيهة بمحاولة ترشيح فرنجية ستصطدم بالفشل حكماً. السؤال إذاً في الموضوع الرئاسي هو: ماذا لو توفرت حاضنة مسيحية لمرشح رئاسي ما؟ أو نجح إجتماع بكركي في التوافق على اسم مرشح؟ فما سيكون موقف الثنائي الشيعي والإشتراكي؟

سواء عند المسيحيين أم الثنائي أو غيرهم، الأفق الرئاسي مسدود، بينما لا متغيرات تلوح في الأفق فلا رئيس ولا جلسات لانتخاب رئيس طالما لا أسماء واضحة لمرشحين من الطرفين.