رأى وزير الإعلام في حكومة تصريف الأعمال زياد المكاري أن “وصول رئيس تيار المردة سليمان فرنجية الى رئاسة الجمهورية يمكن أن يحدث فرقا، وأن يكون عمله انطلاقا من الشمال ملهما”. مشيرا إلى “أربع مشاكل مؤثرة منها ترسيم الحدود البحرية والتهريب برا نحو سوريا وملف النازحين ومدى خطورته، إضافة الى مسألة مزارع شبعا المرتبطة بسلاح حزب الله. وهنا يمكن التأكيد أن ما يمكن أن يقوم به سليمان فرنجية في هذا المجال لا يمكن لغيره أن يقوم به. بالإضافة إلى مسألة العلاقات العربية التي يتمسك بها الوزير فرنجية مع الأخوة العرب”.
كلام المكاري جاء خلال مشاركته بلقاء حواري في جامعة الجنان في طرابلس، في حضور النائب جميل عبود ورئيس مجلس أمناء الجامعة الدكتور سالم يكن واستاذة الجامعة وطلاب.
بداية النشيد الوطني ونشيد الجامعة، ثم رحب الحبيب عبدالغني بالحضور ومكاري، منوها بمسيرته المهنية والسياسية. وشدد على “توارث قيم الجنان التي تؤكد روابط طرابلس بمحيطها”.
وألقى الجامعة كلمة سأل فيها: “أين نحن وأين واقعنا وأين وطننا من أمنياتنا وتمنياتنا ومرتجانا؟ صباح كل يوم نشهد انهيارا جديدا، وكل مساء نشهد تفلتا أمنيا مخيفا. فأمس شهدنا تصدع مؤسسة، الكل يجمع على أنها ضمانة بقاء الأوطان، فالقضاء اللبناني يمر بأزمة حقيقية تؤشر إلى أن لبنان بات يصارع عند خطوط بقائه ككيان، أما كل يوم فنشهد انهيارا للعملة الوطنية لا لأسباب اقتصادية ومالية، بل لأسباب سياسية. والسياسة في بلدنا لا تزال تتلهى باسم الرئيس العتيد وضخ مزيد من أسباب الشحن المذهبي والطائفي الذي استفحلت عدواه أخيراً في مؤسسة القضاء”.
وختم: “ما نحتاج اليه هو أن نتصارح لب المشكلة، ونقول إن هذا الدستور كشف سيئاته ولا بد من معالجتها، وعلينا أن نسأل أنفسنا: هل تنفع الصيغة الطائفية ومنطق المحاصصة الذي يحكمها في أن نستفيد من ثرواتنا النفطية لنبني اقتصادا ومؤسسات، أم ستصرفها كما صرفت سواها في مزاريب الهدر والفساد؟”.
ثم ألقى وزير الإعلام كلمة شدد فيها على “أهمية تناقل العلاقة وثقافة التواصل بين مناطقنا، فنحن عشنا الحرب الكاذبة التي ما إن انتهت حتى صار السؤال الكبير: كيف يمكن ان تكون هناك حرب ونحن نتحاور ونتواصل معا؟ أما اليوم فنحن نمر بمرحلة صعبة جدا، وثمة مشاكل متشعبة اقتصادية وسياسة واجتماعية وأمنية، ونحن نقول إنه على الرغم من كل شيء فالشمال، هو شمال ثقافة التلاقي والتنوع الموروث والتي أصبح الحفاظ عليها واجبا علينا نحيد بلدنا”.
أضاف: “نحن لم نعتبر يوما أن هناك مناطق في الشمال، ولم نر أن هناك ما يمكن أن يفصل بيننا، وهذا ينطبق علينا كلنا يعني كلنا. الفقر ليس له منطقة وليس له طائفة وليس له حزب ولا دين. الفقر كافر ويصيب الجميع. من هنا اقول إن الواجب تجاه مناطقنا وأهلنا أهم من الواجب تجاه زعمائنا وأحزابنا أو تجاه قادتنا السياسيين. قد نحب ونوالي في السياسة لكنني اتمنى ألا يكون هذا الأمر أولوية لنا، بل كيف نعيش معا، وخصوصا في هذه الظروف، لأننا جميعا في مركب واحد، وإذا غرق سيغرق الجميع حكما”.
وتابع: “انطلاقا من مشاهداتي في الدولة والإدارة والسياسة والعمل الحكومي، أرى أنه لا يمكن لشيء أن ينقذ لبنان إلا وحدة أبنائه، فهناك الكثير من الأمور التي يمكن أن نتفق عليها ويجب أن نتفق عليها. لتبق القصص الخلافية كذلك، والقضايا السياسية كذلك، ولكن ليبق واجبنا تجاه أهلنا واولادنا وجيراننا المحافظة على هذه الأرض. إنها الإيجابية التي نحتاجها، وأنا اخترت أن أعطي دائما الصورة الإيجابية منذ توليت مهمتي في الوزارة، واعتبرت أن أهم دور لوزارة الاعلام ولو تقلصت صلاحياتها، أن تظهر الصورة الإيجابية للبنان. ورغم المشاكل والمآسي، تبقى الصورة الحلوة للبنان والتي تجلت اليوم في جامعة وصرح كبير. يجمع المناطق والطوائف. هذا الأمر يسرني ويعطيني الحافز للمضي قدما”.
واستذكر مؤسسي الصرح الدكتور فتحي يكن والدكتورة منى. وقال: “ربطتني بالدكتور يكن علاقة. آمنت بالكثير من أفكاره، وأنا فخور جدا بوجودي في جامعة، شكل ركنا من أركانها وأساساتها. فعندما يكون هناك رجل سياسي منفتح، ولو كان رجل دين وعلامة بهويته الإسلامية او المسيحية، يقدر على تطوير الفكر الى صرح تربوي بهذا الشكل. وانا فخور بوجود طلاب من زغرتا هنا، لأن التنوع أصل ونحن نعيش ذلك بكل تفاصيله، وطرابلس تبقى مدينتنا ومحضن تنوعنا المختلف المتعدد، ثقافة وتدينا. والأكيد ان التنوع في لبنان غنى يجب أن نحافظ عليه”.
وقال: “في شمالنا، نحتاج لأن نعطي طرابلس المزيد، وأنا تعهدت لدى زيارتي سماحة مفتي طرابلس بأن نسخر وزارة الاعلام لنسلط الضوء على جمال المدينة في مواجهة ما ينقل عنها من صور لا تمت الى حقيقتها، وأنا ماض في ذلك. وأدعو جامعة الجنان الى الالتقاء معنا في وزارة الاعلام في ورشة لإعداد مسار من عمل إعلامي توثيقي طرابلسي، على أن نوقع بروتوكولا معا في هذا الإطار، ليكون أيضا ضمن فعاليات بيروت عاصمة الاعلام العربي. نريد الجنان شريكا في تسليط الضوء على الصحافة الشمالية. هناك مصلحة للجميع في المشاركة في فعاليات بيروت عاصمة الإعلام العربي تحت عنوان هنا بيروت، كتحد نريد ان تربحه العاصمة. وأكدت لدى اجتماعي مع الرئيس المصري ووزراء الاعلام العرب والسفراء العرب، أن تكون بيروت مكرسة بدورها ووجودها، وأن تبقى ولبنان منفتحة على العالم العربي وجزءا من هذا العالم العربي”.
أضاف: “نعيش في وزارة الاعلام توقيتا دقيقا. عدد الأحبة في الجهاز البشري قليل، يعملون ببدل ضئيل جدا ولكن بمهنية، وفي الوقت عينه لا دم جديد ولا قدرة على التوظيف، لذلك نتطلع لفتح أبوابنا للمؤسسات بهدف تدريب طلاب الجامعات وإعطاء الدور الذي نريد ان نبني عليه، وهذا يقدم فرصة لهم للعمل في الداخل او حتى في الخارج”.
وختم: “رسالتي اليوم المحافظة على بلدنا وإظهار الصورة الإيجابية لبيروت وطرابلس. قلبي كبير بكم ونتطلع الى تعاون دائم معكم”.
وردا على اسئلة الطلاب، شدد مكاري على “دور القانون الحديث والعصري للاعلام في توفير الحضانة والحصانة المهنية، كما يمكن للنقابات أن توفر ذلك ولو تعددت”.
وعن حياد لبنان قال: “منذ اتفاق القاهرة، تعذر على لبنان أن يكون محايدا، ومشكلة لبنان بدأت من هنا لأن اتفاق القاهرة فتح الأبواب في لبنان على الصراعات العربية. السلام في لبنان يكمن في الحياد، وغير ذلك سيكون الأمر متعبا للبنان”.
وردا على سؤال أشار الى أن “وزارات الاعلام في العالم لم تعد موجودة لئلا يكون الإعلام الرسمي موجها. في لبنان يجب ان تبقى الوزارة وتستعيد شيئا من صلاحياتها، مع إضافة مزيد من الصلاحيات”, ورأى أن “مستقبل الاعلام الرسمي مع أزمة خانقة أمر صعب، وقريبا سنعرض واقع تلفزيون لبنان الذي لا يمكن أن ينجح ما لم يواكب الإعلام الخاص”. وتحدث عن “معضلة الولاءات السياسية في حين ان العمل جار لتطوير افكار متقدمة في تلفزيون لبنان”.
وردا على سؤال عن دور الإعلام، شدد على “الحريات ومراعاتها، على أن تكون مسؤولة ونتوصل مع الاعلام المتعدد الى حرية مسؤولة وموضوعية”.
وعن احتمال وصول رئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية الى رئاسة الجمهورية قال: “نؤمن بأن وصوله يمكن أن يحدث فرقا، وأن يكون عمله انطلاقا من الشمال ملهما”. وتحدث عن “أربع مشاكل مؤثرة منها ترسيم الحدود البحرية والتهريب برا نحو سوريا وملف النازحين ومدى خطورته، إضافة الى مسألة مزارع شبعا المرتبطة بسلاح حزب الله. وهنا يمكن التأكيد أن ما يمكن أن يقوم به سليمان فرنجية في هذا المجال لا يمكن لغيره أن يقوم به. كما هي حال مسألة العلاقات العربية التي يتمسك بها الوزير فرنجية مع الأخوة العرب، والمسألة ليست شعرا بل هي واقع”.
ثم أقيم تكريم للطلاب الأوائل في كلية الاعلام ومعهد العلوم السياسية، وتسلم المكاري درعا تكريمية من الجامعة.