جاء في “نداء الوطن”:
تذبذب كثيراً سعر صرف الدولار في السوق الموازية أمس، فصعد إلى 67 ألف ليرة، ثم عاد فانخفض الى نحو 58 ألفاً على وقع تسريبات عن إجراءات يدرس مصرف لبنان اتخاذها اعتباراً من الإثنين المقبل. وشغلت “القضية النقدية” رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ورئيس مجلس النواب نبيه بري و”حزب الله” وفقاً لمصادر متابعة، فعقد ميقاتي عصراً اجتماعاً مع وزير المال يوسف الخليل وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة لبحث “الأوضاع المالية والتلاعب الجاري في سعر الصرف”، كما جاء في بيان صادر عن المجتمعين، وأضاف أنّ “سلامة شرح واقع الأسواق، وكشف عن اجتماع للمجلس المركزي الإثنين المقبل لعرض اقتراحات عليه”.
مصادر متابعة أكدت أنّ “من يمسكون بالسلطة حالياً لا يتحملون نزولاً غاضباً الى الشارع بسبب الدولار. فالأجندة السياسية والقضائية حافلة، ولا يجب لسعر الدولار تعكير سير تنفيذ الأجندات لا سيما محاولة انتخاب رئيس تابع لفريق 8 آذار”. وأوردت المصادر جملة ملاحظات في هذا الصدد كما يلي:
أولاً: ان مجرد اهتمام السياسيين بسعر الدولار، وطلب التدخل من مصرف لبنان هو عبث باستقلالية البنك المركزي (وفق قانون النقد والتسليف)، وتكرار لموبقات التداخل بين النقدي والسياسي الذي كان بين أبرز أسباب الأزمة التي لا نعرف كيف سنخرج منها بعد.
ثانياً: أي قرار سياسي بخفض سعر الدولار يجب ان يتحمل السياسيون كلفته لا مصرف لبنان وأصحاب الودائع. تلك الكلفة عبارة عن خسارة يتكبدها “المركزي” ولا يجوز للسياسيين التملص منها عند اعلانها على الملأ لتضاف الى خسائر هائلة انكشفت تباعاً منذ اندلاع الازمة، وتبين أن معظمها على حساب المودعين.
ثالثاً: ان استخدام كلمة “التلاعب” في البيان الصادر عن المجتمعين يعتبر تهرباً من المسؤولية. فلم يصل الدولار إلى هذا المستوى الذي فقدت معه الليرة 97% من قيمتها بسبب التلاعب، بل بسبب التقاعس عن اتخاذ الاجراءات الإصلاحية الجذرية للأزمة وتداعياتها.
رابعاً: لم يعد ينفع ضخ 40 أو 50 مليون دولار يومياً على منصة صيرفة بسعر 38 ألف ليرة للجم سعر العملة الخضراء في السوق الموازية. فبات واضحاً، لدى المتداولين والمعنيين، أن الحاجة ستفوق 100 مليون دولار يومياً ليستطيع “المركزي” لجم السوق الموازية نسبياً، وليس بالمطلق وعلى نحو مستدام. ما يعني ان الحاجة الأسبوعية هي إلى نصف مليار دولار، و2.25 مليار في الشهر، و27 ملياراً في السنة (12 ملياراً في 2022) اذا بقيت الظروف السياسية معقدة حد الانفجار، والاقتصادية بلا علاجات سريعة وجذرية وفق شروط الاتفاق مع صندوق النقد. تلك المبالغ والتي سيحصل عليها “المركزي” بشكل أساسي من السوق الموازية ليضخها على المنصة تحتاج ترليونات الليرات، اي المزيد من طباعة العملة الوطنية… والخلاصة: الوضع أشبه بأفعى تعض ذنبها: زيادة طلب الدولار من السوق الموازية للضخ على المنصة يعقبه ارتفاع سعر صرف الدولار في السوق مع طبع ترليونات ليرة إضافية.