كتب شادي هيلانة في “أخبار اليوم”:
لطالما طُبع تاريخ المشهد العام في لبنان، بإغتيالات وتفجيرات وملفات فساد، ولم يتم يوماً الكشف عمن يقف وراءها، وبقيت الكثير من الجرائم دون محاسبة أيّ من المتورطين فيها، فالمهمة صعبة.. لا بل صعبة جداً خصوصاً اذا طالت رؤوس كبيرة، في ظل سلطة سياسيّة “فاجرة” ليس من مصلحتها اظهار الحقيقة.
وانطلاقاً، من قاعدة جلاء الحقيقة وتحقيق العدالة وإحقاق الحق، عاد المحقق العدلي القاضي طارق البيطار إلى متابعة ملف تفجير المرفأ، الذي يعدّ واحداً من أكبر الانفجارات غير النووية في الذاكرة الحديثة، ولعلّ الحدث الأبرز والمدوي في قرار عودة المحقق العدلي، ادعاؤه على مجموعة من الشخصيات السياسية والأمنية والقضائية للتحقيق معها كمدّعى عليها، مما ادخل البلاد في فوضى قضائيّة عارمة غير مسبوقة، في حين بدت في الآونة الاخيرة معالم ضغوط اميركية تظهر لحسم ملف الموقوفين، على اعتبار انّ هناك موقوفاً يحمل الجنسية الاميركيّة ويدعى محمد العوف.
في المقابل، ما بدا لافتاً، ان الدعم الغربي للبيطار اتخذ طابعا جديدا بعد لقائه الوفد الفرنسيّ القضائي الاسبوع الفائت، الذي حثّهُ، على التمسك بالملف وعدم التخلي عنهُ تحت ايّ ظرف او ضغط، وفي السياق نفسه جاء ايضا تأكيد المتحدّث باسم وزارة الخارجيّة الأميركيّة، “نيد برايس” امس، اذ قال: “لقد أوضحنا في المجتمع الدولي منذ وقوع الانفجار، أنّنا ندعم ونحث السلطات اللبنانيّة على استكمال التحقيق السريع والشفاف في الانفجار المروع في مرفأ بيروت.
وفي إنتظار ما سوف تؤول اليه التطورات القضائيّة، التي قوبلت بانقسام سياسي وقضائي حاد- اذ أن البعض اعتبرها خطوة جريئة، لاستكمال ملف علّها تؤدي الى كشف تفاصيل عن جريمة العصر التي أدت الى استشهاد مواطنين أبرياء، والبعض الآخر وصفها بالمتهورة والمجنونة والمخالفة للقوانين المحلية والدولية- افادت معلومات لوكالة “اخبار اليوم”، انّ ضغوطاً سياسيّة كُبرى تتحضر توازياً مع ضغط قضائي لمواجهة القاضي البيطار، أبرزها من “الثنائي الشيعي”، وهنا لا بد من التذكير بما نقل سابقا عن لسان رئيس جهاز الامن والارتباط في حزب الله وفيق صفا، بشأن “قبع البيطار” إذا استمر في تحقيقاته.
في موازاة ذلك، تحدثت معلومات امنيّة، انّ قيادة الجيش عززت التدابير والاجراءات التي كانت متخذة سابقا لحماية المحقق العدلي، بهدف قطع الطريق امام اي طابور خامس يريد إستغلال الوضع، تزامناً مع تهديدات اطلقت عبر مواقع التواصل الاجتماعي.. كما لم تستبعد مصادر متابعة للملف، انّهُ في حال توجهت تهديدات جديدة الى البيطار، ستكون هناك حماية امنيّة دوليّة لهُ حتماً.