يودّع لبنان نهائيًّا حقبة الـ 1500 ليرة للدولار الواحد، مع اعلان وزير المال في حكومة تصريف الاعمال يوسف الخليل استيفاء الرسوم الجمركية على أساس 15000 بدلًا من 1500، بدءًا من الأول من شهر كانون الأول المقبل، ومن ثمّ إعلان حاكم مصرف لبنان رياض سلامة استخدام سعر صرف 15 ألف ليرة لبنانية للدولار، اعتبارًا من أول شباط 2023.
سلامة وضع رفع سعر الصرف الرسمي في إطار العمل على توحيد سعر الصرف، أمّا الخليل فتحدّث عن إيجابيات تعديل الدولار الجمركي من باب تحقيق إيرادات للخزينة العامة. ماذا عن التداعيات وكيف سينعكس مضاعفة الدولار الجمركي عشرة أضعاف على أسعار السلع؟
القرار لن يطال جميع السلع، بحيث أنّ السلع الغذائية والمواد الأولية المستوردة لغايات التصنيع ستكون معفية من الرسوم الجمركية، والعمل جار لتحديد البضائع التي ستخضع لرسم جمركي بنسبة 10% لفترة 5 سنوات، وتلك التي يتمّ استيرادها ويُصنّع مثيل لها في لبنان، وعلى السلع الفاخرة. لكن من يراقب الأسواق ويلجم التجار الذين سيتذرعون بالدولار الجمركي ويرفعون أسعار كل السلع بما فيها المعفيّة؟ خصوصًا أنّ وزارة الإقتصاد ليست فاعلة في هذا الصدد. من ناحية ثانية سيحقّق التجار الكبار أرباحًا إضافيّة، خصوصًا أنّهم تحسّبوا لرفع الدولار الجمركي، وخزّنوا البضائع قبيل سريان القرار.
نسبة ارتفاع الأسعار ستتفاوت وفق أنواع السلع وتصنيفها ورسوم كلفتها، لكن معدّل الزيادة النهائي على السلع المستوردة سيكون بحدود 25%، وفق ما أوضح الخبير الإقتصادي الدكتور بسام البواب في حديث لـ “لبنان 24″، فهناك رسوم يدفعها المستوردون كرسم جمارك مقطوع بنسبة 3%، وهذا الرسم يشمل السلع المعفاة من الجمارك، يضاف إليه الـ(TVA) كانت تستوفى على الـ 1500، ورسوم أخرى. وفي عملية حسابية، السلع التي يشتريها المواطن شهريًا بـأربعين مليون سيشتريها بعد تطبيق الدولار الجمركي بـ 48 مليون. وهناك سلع تُصنّف بالكماليات ستصل رسومها إلى حوالي 70% من قيمتها، كالسيارات وأنواع من السلع الفاخرة كالكافيار وأجبان محدّدة، معدّل ارتفاع أسعارها يترواح بين 30 و40%.
السلع المعفاة من الجمارك كالحبوب والأرز والسكر ستتأثر أيضًا بسبب ارتفاع الكلفة التشغيلية، في السياق يشير البواب إلى تضخم بنسبة 20% فور دخول قرار الدولار الجمركي حيّز التنفيذ “التجار سيرفعون الأسعار ليتمكّنوا ليس من إعادة شراء السلع نفسها فحسب، بل من تغطية الأكلاف التشغيليّة التي سترتفع بدورها، ومن دفع زيادة رواتب الموظفين التي ستتآكل مع الأسعار الجديدة، وبنهاية المطاف هذه الأكلاف تُحمّل للمستهلك”.
من جهة ثانية يبدأ مصرف لبنان العمل بدولار الـ 15000 في بداية شباط المقبل، وعليه يصبح سحب الودائع وفق التعميمين 151 و 158 على 15 ألفاً بدل الـ8 آلاف والـ12 ألفاً، لنكون أمام ثلاثة أسعار للصرف، السعر الرسمي الجديد، سعر المنصة المتحرِّك، وسعر السوق الموازية. هل يؤدي السعر الرسمي الجديد إلى ارتفاع دولار السوق الموازية ؟ أمّ أنّ قدرة المركزي على سحب السيولة بالليرة من السوق عندما يقرّر ذلك، وفق ما أعلن سلامة، ستلجم المسار التصاعدي للدولار؟
يجيب البواب ” طالما نستورد الجزء الأكبر من حاجياتنا سيبقى الطلب على الدولار أكبر من العرض، كما أنّ فقدان الثقة بالليرة يرفع من الطلب بقصد للتخزين”. وعن دخول العملة الصعبة إلى البلد عبر دولار تحويلات المغتربين والسياح، يلفت البواب إلى أنّ ذلك ساهم بلجم الدولار، وإلّا لكان وصل إلى 200 ألف ليرة، لكن بنهاية المطاف نحن بحاجة للدولار لاستيراد 85% من السلع، فضلًا عن الإقتصاد السوري الذي يعيش على اقتصادنا بظل الحدود المفتوحة، وتمويل الإعتمادات كشراء الفيول وغيره، لذلك سيبقى الطلب مرتفعًا، والحل هو بالتوّجه نحو الإقتصاد المنتج وإعادة الثقة لجذب الودائع”.
المصدر: خاص “لبنان 24”