23-نوفمبر-2024

كتبت راكيل عتيّق في “نداء الوطن”:

يصرّ لبنان على العودة الطوعية للنازحين السوريين الى بلادهم، بمعزل عن أي ضغط دولي لإبقائهم، إذ إنّ البلد لم يعد يتحمّل هذا النزوح وكلفته. وإذ يعتبر عدد من المسؤولين اللبنانيين أنّ المساعدات التي تقدّمها المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR) للنازحين من أبرز عوامل تشجيعهم على البقاء في لبنان وعدم عودتهم الى سوريا، فيما أكد مسؤولون في المفوضية لـ»نداء الوطن» أنّها «لا تمنع عودة اللاجئين الى سوريا، وأنّها تحترم قرارات اللاجئين الفردية المستنيرة بالعودة الى ديارهم». وتوضح أنّها «تدعم وتحترم الحق الإنساني الأساسي للاجئين في العودة بحرّية وطوعيّاً الى وطنهم الأم متى اختاروا ذلك، وبما يتماشى مع المبادئ الدولية للعودة الطوعية الآمنة والكريمة وعدم الإعادة القسرية».

كذلك، تلفت المفوضية الى أنّها «تعمل، كجزء من ولايتها القاضية بإيجاد الحلول للنزوح، للمساعدة على التصدي لمخاوف اللاجئين والنازحين داخلياً الذين يفكرون في العودة. أمّا داخل سوريا، فتوفّر الدعم الإنساني على أساس الاحتياجات، بما في ذلك للنازحين السوريين الأكثر حاجة والعائدين طوعاً الى بلداتهم ومجتمعاتهم. وتعمل المفوضية والهيئات الشريكة مع الجهات المعنية للتصدي لمختلف المسائل والتحديات التي تؤخر عودة اللاجئين بحسب أقوال هؤلاء». كذلك تواصل المفوضية «التعاون مع الحكومة السورية لمعالجة القضايا التي تؤثر على اتخاذ قرارات اللاجئين المتصلة بالعودة، بما في ذلك المسائل القانونية والإدارية، والدعوة إلى اتخاذ تدابير تضمن سلامة العائدين وأمنهم».

بالنسبة الى العودة الطوعية للنازحين التي استأنفت المديرية العامة للأمن العام تنظيمها الأسبوع الفائت، تلفت المفوضية الى أنّ «آلاف اللاجئين يختارون ممارسة حقهم في العودة كلّ عام، وهي تحترم القرارات التي يتّخذها اللّاجئون»، مؤكدةً أنّها «ستواصل المشاركة في الحوار مع الحكومة اللبنانية، كذلك مع الأمن العام في سياق عمليات العودة التي تتمّ بتيسير منها». وعن دورها في هذه العملية، تشرح المفوضية أنّها «تقدّم، من بين جهات أخرى، المشورة للاجئين، عندما يكون ذلك ممكناً، وكانت حاضرة الأسبوع الفائت، في نقاط المغادرة قبل عودتهم». وتركّز المفوضية على أنّ «مسؤولية الحماية والمساعدة أوكلت إليها، بصرف النظر عمّا إذا كان اللاجئون يعودون بطريقة ميسّرة أم لا».

وإذ تُقدّر الحكومة اللبنانيّة أنّ هناك 1.5 مليون نازح سوري في لبنان، وأعلن المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم، الأسبوع الفائت، أنّ هناك مليونين و80 ألف نازح، يبلغ عدد المسجَّلين لدى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين825,081 نازحاً، علماً أنّ المفوضية توقّفت عن تسجيل النازحين السوريين في لبنان في عام 2015 بناءً على طلب الحكومة اللبنانية.

وبالنسبة الى ضغط النزوح على لبنان، تبدي المفوضية ترحيبها بـ»كلّ تعاون وحوار بنّاء مع الحكومة اللبنانية في معالجة الوضع الإنساني الصعب الذي يمرّ فيه اللبنانيون واللاجئون»، مشيرةً الى أنّ هدفها الأول والأخير «حماية الفئات الأكثر ضعفاً، بمن فيهم اللاجئون».

وفي حين يتهم مسؤولون المفوضية بعدم التعاون مع الحكومة وتزويدها بـ»الداتا» التي تطلبها عن النازحين، تؤكد المفوضية أنّها «تتعاون والحكومة على مشاركة بيانات مرتبطة بشؤون عدة تخصّ اللاجئين السوريين، بما في ذلك عن المسجّلين قبل تعليق التسجيل من قبل الحكومة اللبنانية، وتسجيل الولادات، إضافةً الى ممارسة دائمة حيث يشارك من خلالها مكتب الأمن العام مع المفوضية قوائم السوريين المسجّلين لدى المفوضية الذين يعبرون الحدود ويعودون الى سوريا. وتأخذ المفوضية بدورها هذه المعلومات، وتتحقق من عودة الأفراد وعليه تقوم بإلغاء ملفّات هؤلاء الذين عادوا».

على مستوى رغبة النازحين في العودة الى سوريا، يبدي معظمهم رغبة في تحقيق ذلك في يوم من الأيام، بحسب المفوضية، إلّا أنّ غالبية هؤلاء، وبحسب أقوالهم للمفوضية، لا يزالون قلقين بشأن مجموعة من العوامل، بما في ذلك: السلامة والأمن، المسكن، إمكانية الوصول الى الخدمات الأساسية وسبل كسب العيش. وتعتبر المفوضية أنّه «من المهم أن يكون اللاجئون قادرين على اتخاذ قرار مستنير ومدروس».

وعن مساعدتها للبنان في تحمُّل ضغط النزوح، تشير المفوضية الى أنّ «الأزمة الاقتصادية العميقة في لبنان أدّت الى تفاقم وضع اللبنانيين واللاجئين على حد سواء»، لافتةً الى أنّها «كثّفت مساعداتها الإنسانية الى اللاجئين واللبنانيين المحتاجين على الصعيدين المجتمعي والفردي المباشر». وعلى سبيل المثال، تدعم المفوضية البلديات بمشاريع مختلفة مثل تركيب أعمدة وألواح الطاقة الشمسية، كذلك دعمت إعادة تأهيل وتوسيع مراكز الرعاية الصحية، إضافةً الى دعمها المجتمعات بمشاريع لإدارة النفايات الصلبة في أنحاء لبنان كافة. وخلال هذا العام، دعمت المفوضية أيضاً العائلات اللبنانية الضعيفة بمساعدة نقدية مباشرة.

وفي حين يبدي لبنانيون امتعاضهم من المساعدات التي تُقدّم للنازحين ومنها بالدولار الأميركي، توضح المفوضية أنّها «تدعم اللاجئين الأكثر ضعفاً بأنواع مختلفة من المساعدات، بما في ذلك مواد الإغاثة الأساسية، والرعاية الصحية، والدعم النفسي الاجتماعي، أو مبالغ نقدية يتلقّاها اللاجئون بالليرة اللبنانية وليس بالدولار الأميركي». وتشير الى أن العائلات اللاجئة الأكثر ضعفاً تتلقّى ما بين مليون ليرة لبنانية لكل أسرة شهرياً (مساعدة نقدية متعددة الأغراض) و/أو 500 ألف ليرة لبنانية لكلّ فرد شهرياً (للطعام – بحد أقصى 6 أفراد لكلّ عائلة).