23-أبريل-2024

كتب أنطوان الفتى في “أخبار اليوم”:

لن نسأل عن مرحلة ما بَعْد العرض الخطّي الذي سيرسله الوسيط الأميركي في المفاوضات غير المباشرة لترسيم الحدود البحرية الجنوبية بين لبنان وإسرائيل، آموس هوكشتاين، في الوقت الذي نتحضّر فيه لفترة سياسية جديدة في البلد، لا تسمح بالكثير من الانتظارات على أي صعيد.

كما لن نسأل عن مرحلة ما بعد الترسيم نفسه، في ما يتعلّق بالنّفط والغاز، الثّروة التي لن نحدّد معالم استثمارها نحن محلياً، نظراً الى كونها سلعة استراتيجية، تربط أو تحلّ سياسات دوليّة.

“الخراب الكبير”

ولكن ماذا عن المستقبل الاقتصادي والمالي اللبناني، وعن مرحلة ما بعد التوقيع على اتّفاق، وعن مستقبل ثروة هائلة من النّفط والغاز في لبنان، ينتظر الجميع أن تنتشل الدولة اللبنانية من أزمتها الاقتصادية والمالية، في الوقت الذي يمكن فيه لتلك الثروة أن تشكّل “الخراب الكبير”؟

فالدول النّفطية التي نجحت في الحصول على مكانة جيوسياسية إقليمية وعالمية، هي تلك التي عرفت كيف تستثمر هذه الثروات، وليس لأنها تمتلكها. وبالتالي، لا بدّ من البحث في الشروط السياسية، وفي التغيير السياسي الذي يتوجّب أن يحصل في لبنان، قبل المساس بأي نقطة من تلك الثّروة، ومنذ الآن، وذلك منعاً لأن نصل الى اليوم الذي سنستمع فيه الى أننا صرنا مديونين بمقدار ضعف الأضعاف، بعدما حصلنا على استثمارات في مجالَي النّفط والغاز، واستثمرنا ما استثمرناه على هذا الصّعيد، مقابل ذهاب تلك العائدات سُدًى، سواء لصالح السرقات، والتنفيعات، والفساد سياسي… أو لصالح مشاريع لا منفعة منها، ومُكلِفَة جدّاً، تبدأ من دون القدرة على إنهائها، وفق تخطيط سليم.

الحَوْكَمَة

أوضح الخبير الاقتصادي، وعضو تكتّل “الجمهورية القوية” النائب رازي الحاج، أن “كثيراً من الدول النفطية فقيرة، ومنهوبة، بدلاً من أن تتّجه نحو النموّ والازدهار، وتحسُّن واقعها الاقتصادي، وتحسُّن تصنيفها، ودخل شعوبها”.

وشدّد في حديث لوكالة “أخبار اليوم” على أن “الحَوْكَمَة هي الأساس لإدارة الثروات الطبيعية. وبغياب تلك الحَوْكَمَة، قد يُصبح انعكاسها أسوأ، خصوصاً في البلدان ذات مؤشرات الفساد المرتفعة”.

خسائر

وأشار الحاج الى أنه “حتى ولو أنجزنا الترسيم، وبدأ العمل بالتنقيب في البلوكات، فبغياب صندوق سيادي قادر على أن يدير هذه الثروة، ويكون مستقلاً بالفعل، وبإدارة بعيدة كل البُعد من استسهال الإنفاق من دون قواعد وعبر الاستناد الى أن إيرادات النّفط والغاز هائلة، فإن تلك العائدات ستذهب سُدًى، تماماً كما صُرِفَت المليارات سابقاً، من دون جدوى. فالموازنات العامة خلال العقود الثلاثة الأخيرة، تُظهر أن الدولة اللبنانية أنفقت أكثر من 300 مليار دولار، من دون مشاريع ونتائج ملموسة. وهذا غير مقبول، في أي دولة كانت”.

وأضاف: “لا انتظارات من الثّروة النّفطية في لبنان، من دون سلطة سياسية تدرك أن تلك الثّروة هي ملك للأجيال القادمة، وأنه يتوجّب إدارة عائداتها ضمن صندوق سيادي يمكّننا من القيام باستثمارات صحيحة، ومن أن نزيد قيمة تلك الأموال والثروة”.
وختم: “عَدَم استعمال الثروة النفطية بالشكل الصحيح، سيجعلها مؤذية بدلاً من أن تكون مفيدة، وسيتسبّب لنا بخسائر مالية”.