29-مارس-2024

كتب نادر حجاز في موقع mtv:

إنه اللعب على حافة الهاوية وعلى أقدار اللبنانيين. حالة الإنكار الكبيرة لدى فريقَي أزمة تشكيل الحكومة تتعدّى القدرة على الفهم والتحليل بأي عقل يفكّرون وبأي منظار يتطلعون من خلاله الى مستقبل البلد.

كل المؤشرات باتت تؤكد أن لبنان على أبواب الانهيار الكامل والإفلاس التام، فالمسألة قضية وقت، ربما لأسابيع أو لأشهر، إذا ما تقاعست حكومة تصريف الأعمال مجدداً عن ترشيد الدعم الى أقصى الحدود وارتكبت حماقة الإيعاز لحاكم مصرف لبنان بالاستمرار بالدعم والصرف من الاحتياطي الإلزامي الذي لا يكفي إلا لبضعة شهور، ما يعني تأجيل الكارثة من أول أيار الى خريف لبنان، الذي سيصل إليه مفلساً لا ضيف فيه إلا شبح الفقر والمجاعة.
يعرفون هذه المشهدية جيداً في القصر الجمهوري كما في بيت الوسط، ويدركون أن عدم تشكيل حكومة سيقودنا الى إنهيار تام وحقيقي. الكلام ينقله اليهم كما الى باقي القوى السياسية السفراء والموفدون الدوليّون، الذين يجددون في كل مرة التأكيد أن كلمة السر هي واحدة، تشكيل الحكومة.

مرجعية سياسية رفيعة لا تجد مبرّراً لبعض تصرّفات الرئيس المكلّف سعد الحريري، المطالَب بتبريرات كثيرة، وهو الذي حكم 3 سنوات مستنداً الى تسوية مع رئيس الجمهورية ميشال عون، ومن خلفه حزب الله طبعاً، ووعدوا اللبنانيين حينها بالمنّ والسلوى. وفي المقابل لا يبدو عون منزعجاً كثيراً من هذا الفشل بالتأليف، ربما على قاعدة “إتفقنا مع الحريري لنَحكم، ونختلف معه اليوم أيضا لنحكم”. فالحاكم الفعلي في البلاد حالياً هو رئيس الجمهورية الذي يدير بعبدا بسلسلة اجتماعات لا تكرّس الا فراغاً في السلطة التنفيذية وموقع رئاسة الحكومة.

انه التسليم بالقضاء على لبنان وفكرته وهويته، وإتقان الرقص على جثة بلد كان في حقبات كثيرة وحده الساحة لحروب الاخرين ودفع الفاتورة نيابة عن الجميع، ولا يبدو أنه قادر اليوم على تحصين نفسه وتحييد نفسه عن صراعات الآخرين، ليتحوّل الى ساحة من جديد، ساحة ليست إلا صندوق بريد لكل هذه التناقضات الدولية والاقليمية.

انه الوقت الفاصل النهائي الذي سيكتب للبنانيين قدرهم الجديد، وتقول المرجعية السياسية: “سألنا بعض من التقيناهم عن سبب عدم تشكيل حكومة وسألنا أكثر: كيف سيتحمل لبنان الانهيار من الآن الى الأشهر القادمة؟ فكان الجواب: سنرسل لكم مساعدات غذائية”.

هذا الكلام رسمي وسمعه قياديون ومسؤولون كبار في البلد، وباتوا يعلمون أننا ذاهبون الى مجاعة حقيقية.

“لم يحصل هذا الأمر تاريخياً. في الحرب العالمية الأولى عانى لبنان من مجاعة، ولكن اليوم لا حرب داخلية ولا حرب عالمية لكننا على طريق المجاعة”، تختم المرجعية… فهل من وقت مستقطع في هذه اللعبة القذرة؟

MTV