29-مارس-2024

كتبت ليا القزي في “الأخبار”: “حين استّلت وزارة الصناعة سيف مواجهة «كارتيل الترابة»، مُقرّرة إطلاق معركة في وجه ارتفاع سعر طنّ الاسمنت في السوق، وانقطاع هذه المادّة الأساسية، وتهديد الشركات بفتح باب الاستيراد إن لم تعمد إلى «تحرير» الكميات المُوضبة في مخازنها، لم يكن يحقّ لها أن تردّه إلى غمده من دون نتيجة لمصلحة المُجتمع والبيئة.

فبعد قرابة شهرين من الكرّ والفرّ المتواصلين بين الوزارة والشركات (المُتهمة بمخالفة القوانين والمعايير) الثلاثة: الترابة الوطنية ــــ اسمنت السبع، ولافارج ــــ هولسيم، وسبلين، تقترب «المفاوضات» من تمديد إضافي للعمل بالمقالع ورفع سعر المبيع الرسمي لطنّ الترابة. وقد صبّت «ظروف» انهيار الليرة في مصلحة الشركات المُحتكرة، وفي «تهشيل» أي استيراد للاسمنت، بعدما منعت وزارة الصناعة بيع الاسمنت المُستورد للمُستهلك بأكثر من 35 دولاراً للطنّ. وبحسب وزير الصناعة عماد حب الله «تقدّمت 5 جهات بطلبات استيراد. اثنتان منها لم تحدّدا السعر، وثالثة حدّدت سعر مليون و350 ألفاً، ورابعة حدّدت كلفته بـ 720 ألف ليرة، لكنّها قالت إنّها ستبيع الطن بحدود 600 ألف ليرة.
السعر مُحدّد حالياً بـ 240 ألف ليرة (من دون احتساب ضريبة القيمة المُضافة)، أمّا إذا اشتراه المُستهلك من أحد التجّار المُعتمدين فيُمكن بيعه بسعر أقصى يبلغ 320 ألف ليرة، علماً بأنّ الشركات تُقفل باب البيع المُباشر، مُتذرّعة بأنّه لا قُدرة لها على ذلك، فتكتفي بتوزيع الحُصص على التجّار، ومن هناك تُباع للمُستهلكين. يُعلّق رئيس لجنة «كفرحزير البيئية»، جورج عيناتي، بأنّ هؤلاء هم «سماسرة الشركات الذين يبيعون الناس بالسعر غير الرسمي، ثمّ يتقاسمون الأرباح بين بعضهم البعض». في المقابل، ينفي مُطلعون على عمل الشركات ذلك، مُعتبرين أنّه «في حال كان بعض التجار على علاقة بمديرين مُعينين داخل الشركات، فإن ذلك لا يعني تورّط الإدارة».
في كلّ الأحوال، يبقى الـ 240 ألف ليرة لطنّ الاسمنت سعر الورقة والقلم، ولكن عملياً «انقطعت» الترابة من السوق خلال الأشهر الماضية، وإذا ما توافرت تعذّر الشراء بالسعر الرسمي، فكان المُستهلكون عرضة لابتزاز التجّار. أسعار الاسمنت كانت تراوح بين مليون و300 ألف ليرة ومليونَي ليرة لدى بعض الباعة. ودائماً، يُربط ارتفاع الأسعار بندرة الكميات المعروضة مُقارنةً مع الطلب المُرتفع عليها. لماذا الإنتاج لا يُلبي حاجات الناس؟ تبرير الشركات لهذا «الشحّ» بالاسمنت أنّها لم تعمل طوال ثلاث سنوات لأكثر من 300 يوم عمل، وهو ما أدّى إلى نفاد المخزون. وقد ادّعت الشركات أنّها لكي تكون قادرة على تلبية طلبات السوق، يجب أن يُمدّد لها للعمل في المقالع، واستخراج الاسمنت. وبحسب ما يُنقل عن الشركات، فإنّها خفّضت نسبة التصدير، إلى حدّ التوقّف عن ذلك نهائياً، بسبب عدم تمكّنها أصلاً من تأمين حاجات السوق المحلية.

لبنان 24