29-مارس-2024

جاء في جريدة “الانباء” الالكترونيّة:

رغم تزاحم اللقاءات والاتصالات والمشاورات محلياً وخارجياً، تبقى أزمة تشكيل الحكومة عالقة بين بعبدا وبيت الوسط، فكل منهما يرى الحل على طريقته وهذا ما تشير اليه المواقف المتباينة بين الطرفين التي تنعكس سجالاً بين التيارين، تستمر شظاياه في تهشيم الجسم القضائي الذي لم يسلم من التسييس على خلفية تمرد القاضية غادة عون على قرار مدعي عام التمييز غسان عويدات كما على قرارات مجلس القضاء الأعلى، إذ عادت وقصدت شركة مكتف للصيرفة في عوكر مستكملة ما بدأته مطلع الأسبوع وبالعراضة السياسية نفسها التي عكسها الاعتصام أمام الشركة، رغم كل قرارات مجلس القضاء الأعلى.

 

مصادر قضائية اعتبرت عبر جريدة “الأنباء” الالكترونية أن “هذه القضية كان من المفترض أن تكون قد سُويَت بعد مشاركة القاضية عون باجتماع مجلس القضاء الأعلى وتكليف التفتيش القضائي بالتحقيق في الملف، لكن معاودة عون الدخول الى شركة مكتف بالقوة مدعومة بمجموعة من المؤيدين للتيار الوطني الحر طرح أكثر من سؤال حول مخالفة القاضية لقرار المجلس، وما إذا كان هناك انقلاب على الجسم القضائي بحجة محاربة الفساد”.

 

المصادر القضائية توقفت عند “الاستنسابية لدى القاضية عون بإصرارها على اختيار مؤسسة مكتف للتحقيق المالي وترك باقي المؤسسات التي تتعاطى بهذا الشأن، والتي تبدو محمية من جهات سياسية ومن غير المسموح التحقيق معها أو التشهير بها كما حصل مع شركة مكتف”.

 

وأعربت المصادر عن “انزعاج شديد من تصرف القاضية عون بعد حضورها اجتماع مجلس القضاء الأعلى”، لافتة الى أن المسألة بدت أبعد من تحقيق في قضية تهريب الأموال لتصل الى “تصفية الحسابات السياسية”.

 

 

في هذا السياق، أعربت الوزيرة السابقة القاضية أليس شبطيني عن أسفها لما حصل بالأمس، معتبرة ان الأشخاص الذين حضروا الى محيط شركة مكتف “قد يكونوا مجروحين من المصارف ومن مصرف لبنان ويريدون التعبير عن دعمهم للقضاء في الوصول الى حقيقة ما جرى لودائعهم، لكن الأمور لا تتم بهذه الطريقة، فالقاضية عون برهنت أنها تعمل على مسألة التضخم المالي القائم، لكن من الممكن أن يستكمل التحقيق من قبل قاض آخر كما طُلب منها، فهناك أصول في التعامل ويجب احترام قرار مجلس القضاء الأعلى واحترام التراتبية ولا يجوز اقتحام مؤسسة بهذه الطريقة”.

 

وقالت شبطيني في حديث لجريدة “الأنباء” الالكترونية: “مجلس القضاء الأعلى اتخذ قراراً بإحالة الملف الى التفتيش القضائي والقاضية عون تعهدت أمامه بعدم تكرار الخطأ، وطالما المسألة لا زالت في الشكل فمن غير المقبول ان تمسك بمكبّر الصوت وتتحدث مع الموظفين فهي ليست مضطرة لهذا الموقف”.

 

شبطيني أعربت عن اعتقادها أنه كان على القاضية عون أن “لا تكرر الخطأ الذي وقعت به، فالمسألة ما زالت في الشكل ومن غير المعروف ما قد ينتج عن هذا الملف، وكان باستطاعة صاحب الشركة ميشال مكتف أن يتصل بقوى الأمن الداخلي لحماية مؤسسته، فهي كقاضية ليست مضطرة ليكون لديها مرافقين وبالأخص بعد تكليف المدعي العام المالي بمتابعة التحقيق”، مضيفة: “علينا المحافظة على هيبة القضاء تجاه الشعب وما جرى شيء مؤسف للقضاء والبلد”، سائلة: “من لديه بعد الثقة في القضاء بعد الذي جرى؟”.

 

من جهته، أشار رئيس مؤسسة جوستيسيا المحامي بول مرقص الى تحفظه على قرار النائب العام التمييزي الذي وزع الأعمال داخل نطاق القانون، كاشفا عبر “الأنباء” الإلكترونية ان “قانون أصول المحاكمات الجزائية لا يجيز له ذلك لأن توزيع الأعمال يعود اليها، أي الى النائب العام الاستئنافي، وهذه صلاحيات محفوظة لها ومحصورة بها بمقتضى المادة ١٢، إنما هو لديه صلاحية استشرافية توجيهية بمقتضى المادتين ١٣ و١٦ من أصول المحاكمات الجزائية، ولا تصل الصلاحية الى حدود الحلول مكانها وتوزيع الأعمال عنها، بل يمكن له بمقتضى هاتين المادتين ان يعطيها التوجيهات والتعليقات في سير الدعوى وصولا الى التنبيه واقتراح احالتها على التأديب. أما وأن مجلس القضاء الأعلى قد أكد قرار النائب العام التمييزي، رغم ملاحظاتي الآنفة الذكر، فقد اضحى الموضوع مبتوتاً لهذه الناحية ويجدر بالقاضية عون التقيّد بقرار النائب العام التمييزي وسلوك باب الطعن والاعتراض التزاما بالمؤسسات والادارات التي تسيّر المرافق العامة ومنها المرفق القضائي”.

 

 

الى ذلك وفي الشأن الحكومي، وفي الوقت الذي غادر فيه الرئيس المكلف سعد الحريري الى ايطاليا للقاء البابا فرنسيس وعدد من المسؤولين الايطاليين، لبّى رئيس تكتل “لبنان القوي” النائب جبران باسيل دعوة البطريرك مار بشارة الراعي الى مأدبة عشاء في بكركي، كانت الحكومة الطبق الأساس فيها انطلاقا من مطالبة الراعي بتشكيل حكومة مهمة من اختصاصيين ومن دون ثلث معطل لمعالجة الوضع الاقتصادي المأزوم.

 

الا ان هذا اللقاء لا يبدو أنه غيّر بموقف باسيل، الذي اعلن بتصريح مقتضب ان هدفه “يتركز على حماية حقوق المسيحيين”، ولا يريد شيئا لنفسه، وسوف يكون له موقفا تفصيلياً يوم السبت.

 

في هذا السياق، أشار عضو تكتل “لبنان القوي” النائب روجيه عازار عبر “الانباء” الالكترونية الى أن “كلمة باسيل السبت ستتناول كل المواضيع وبوجه الخصوص الوضعين القضائي والحكومي، وهو يريد أن يضع اللبنانيين في اجواء ما يجري في هذا الشأن، ولن يكون هناك أمور خارج هذا النطاق”.

 

وعن زيارة باسيل الى بكركي، قال عازار: “البطريرك الراعي منفتح على كل القوى السياسية لكن موضوع الحكومة يجب أن يكون حصراً بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف”، مضيفاً “نحن كتيار وطني حر ما زلنا على موقفنا من عدم المشاركة في الحكومة ولا نريد شيئا وسندعم اي حكومة تلتقي مع أهدافنا”، مشيراً الى توافق مبدئي على حكومة “٣ ثمانات” مع “الإصرار على أن يسمي الرئيس ميشال عون الوزراء المسيحيين”.

 

واعتبر عازار ان “الحريري لا يريد تشكيل حكومة الآن لأنه يعرف ان تشكيلها يتطلب تفاهماً خارجياً وتوافقاً داخلياً، وهذا غير متوفر”، لافتا الى ان زيارة باسيل الى موسكو تأتي في سياق الدعوات التي توجهها القيادة الروسية الى القيادات السياسية اللبنانية لزيارة روسيا، واصفاً هذه الزيارات بالبروتوكولية، مطالبا الحريري “بجهد أكبر والجلوس مع الرئيس عون وعدم الخروج من بعبدا قبل صدور مراسيم الحكومة”.

 

أما الموقف في ضفة بيت الوسط لا سيما بما يتعلق بزيارة الحريري الى الفاتيكان، فقد عبّر عنه نائب رئيس تيار المستقبل مصطفى علّوش عبر “الأنباء” الالكترونية، معتبرا ان “نتائج لقاء الحريري مع البابا فرنسيس تتوقف على البيان الذي قد يصدر عقب اللقاء”، مشيرا الى أن “البابا سبق وعبّر عن تأييده لتشكيل حكومة مهمة برئاسة الحريري وأن لقاء الحريري معه من شأنه أن ينزع آخر ورقة توت، التي تسمى حقوق المسيحيين، التي يعزف عليها منذ مدة جبران باسيل، فالبابا أكبر مرجعية مسيحية في العالم يستقبل الحريري ولا يخشى منه على المسيحيين، بل على العكس لديه الثقة التامة بأن وجود الحريري على رأس الحكومة ضمانة للمسيحيين أكثر من أي زعيم مسيحي آخر”، معتبراً ان كلام وزير خارجية الفاتيكان بعد اللقاء “سيكون مهم جداً”.

جريدة الانباء الالكترونية