22-نوفمبر-2024

جاء في “الشرق الأوسط”:

يؤشر الانغلاق السياسي إلى أزمة في النظام القائم على التوافقات منذ نهاية الحرب اللبنانية في العام 1990، وهو ما يدفع كثيرين لطرح أفكار لتطوير النظام، من بينها تطبيق اتفاق الطائف بالكامل، أو الذهاب إلى بدائل لا تحظى بإجماع، من بينها الفيدرالية وتطبيق اللامركزية الموسعة بنسخة أكثر تحديثاً مما ورد في اتفاق الطائف، وآخرها الانتخابات المبكرة.

وينظر حقوقيون إلى الطروحات المعروضة على أنها «هروب من لبّ الموضوع في ظل غياب دولة لا تتمتع بسيادتها»، وفق ما يقول الباحث السياسي وعضو المجلس الدستوري السابق الدكتور أنطوان مسرّة، مشيراً في حديث لـ«الشرق الأوسط» إلى أن وظائف الدولة السياسية تقوم على 4 عناصر؛ هي احتكار القوة المنظمة حيث يوجد جيش واحد، ودبلوماسية واحدة تنسجم مع مقدمة الدستور بأن لبنان عربي الهوية والانتماء، وجمع الضرائب بشكل متساوٍ، وبناء السياسات العامة. ويضيف: «اليوم في لبنان بعدما حلت الكارثة على الجميع من دون استثناء، ومن ضمنهم حلف الممانعة، المطلوب استعادة الدولة بكامل صلاحياتها السيادية، ولصالح الجميع»، معتبراً أن المقاومة «باتت بحثاً في الماضي»، بينما «يفتقر اللبنانيون لمفهوم الدولة».

وقال مسرة: «مواجهة هذا الواقع تتم بطريقتين، أولاً بالموقف، وثانياً بالمواجهة العسكرية والأمنية التي ستستدعي تدخلات خارجية»، مشدداً على أن وضوح الموقف «يجنب المواجهة ويحمي لبنان». وقال: «هنا توجد مسؤولية كبرى على ذهنية مارونية، ولا أقول الموارنة أو بكركي، بل طامحين من الموارنة لموقع الرئاسة، وتتلخص المسؤولية باتخاذ موقف واضح وليس على طريقة مساومات وتسويات وتموضع والبقاء على مسافة واحدة من الجميع»، شارحاً أن هؤلاء «ما زالوا يتموضعون لينتخبوا كرؤساء تسوية، ويقومون بمساومات على حساب سيادة لبنان وهويته كعربي الهوية والانتماء».

ولفت إلى أن الدولة الرسمية في لبنان اليوم، تقابلها دولة رديفة، مع أن صفة الدولة هي الوحدانية، ووظيفة الرئيس، حسب المادة 49 من الدستور، احترام الدستور ويكون قسمه على احترام الدولة وسيادتها جدياً، وليس بروتوكولياً، ويعبر عن العقد الاجتماعي في البلد.

ورأى أن بعض المرشحين المحتملين «يمارسون الميوعة والتموضع والمسايرة في قضية جوهرية ويلتزمون الصمت وبات صمتهم مدوياً»، مشدداً على أن «جوهر الموضوع يتلخص أنه في حالات الاحتلال وعدم السيادة لا ينتظم أي دستور في العالم». وسأل: «في ظل هذا الواقع، من يضمن الانتخابات المقبلة في مرحلة اللادولة؟»، مشدداً على ضرورة «تجنب المواجهة العسكرية، والاحتكام الى منطق الدستور والدولة ليكون ذلك لصالح الجميع».

وشدد على أننا نريد انتفاضة مسيحية عارمة، نريد رئيس دولة، وليس رئيس مساومة بين الزعامات. «رئيس يلتزم بالوفاق الوطني، وليس بالتوافق مع الزعامات، لذلك على الجميع البحث عن رئيس وفاق وطني استناداً للدستور، يعبر عن العقد الاجتماعي، لأنه في حال لم نختر رئيساً كالرئيس الراحل فؤاد شهاب يحمل الكتاب (الدستور) ويطبقه، فإننا متوجهون إلى 6 سنوات إضافية من الأزمة».