16-أبريل-2024

ايفا ابي حيدر – الجمهورية

لا تزال عجلة البطاقة التمويلية تسير ببطء شديد مع العلم انّ استغراق اعدادها كل هذا الوقت لن يرحم اللبنانيين مستقبلاً، فالليرة تنهار والمال ينفد، وبالتالي من اين ستؤمّن موارد هذه البطاقة اذا كان الاحتياطي الالزامي ممنوع المس به، ام من خلال ادراج كلفتها ضمن الموازنة بما يعني تالياً طبع المزيد من العملة اللبنانية وضخّها في السوق والتي ستكون لها آثار تضخمية كبيرة على سعر الصرف؟

وفق آخر المعطيات المقدمة عن البطاقة التمويلية يقول مستشار رئيس الحكومة خضر طالب انّ كلفة الدعم التي ستحتسب للعائلات ستحسم من عملية ترشيد الدعم، وان هناك توجهاً لحصول 800 الف عائلة في لبنان من اصل مليون و150 الف عائلة على البطاقة التمويلية، على ان الخطة الشاملة للدعم تبقى رهن موافقة البرلمان الذي تقع عليه مهمة المصادقة على تمويل للبطاقات.

في السياق، يقول عضو لجنة الاقتصاد النائب ميشال ضاهر ان البطاقة التمويلية هي عبارة عن إعطاء الناس أموالا لدعم أوضاعهم المعيشية. لذا، من غير المقبول ان تدفع كلفتها بالليرة اللبنانية خصوصاً انّ وزير المالية أعدّ الموازنة بالليرة اللبنانية وفق دولار 1500 ليرة بما يعني ان الموازنة لا تسمح بذلك، لأنه بذلك سيحوّل أكثر من نصف الموازنة لتسديد كلفة البطاقة.

وقال: ستخصّص البطاقة التمويلية مليون ليرة لكل عائلة شهرياً كحد ادنى ما يساوي حوالى 90 دولارا، فإذا أعطيت البطاقة لنحو 500 الف عائلة فنحن نتحدث عن 45 مليون دولار كلفة للدعم شهريا أي حوالى 500 مليار ليرة لبنانية في الشهر، بما مجموعه 6 آلاف مليار ليرة سنويا. فهل يعقل ان يخصّص أكثر من 35% من الموازنة لدعم البطاقات التمويلية؟ عدا عن انّ نصف الموازنة هو عبارة عن دفع رواتب.

أما اذا كان التوجّه لدفع البطاقة بالدولار فهذا يعني انها ستصرف مما تبقى من أموال المودعين. ما يعني أن لا الموازنة تسمح بدفع كلفة البطاقة بالليرة اللبنانية، خصوصاً انّ حجم الكتلة النقدية في السوق يصل الى 42 الف مليار ليرة، ولا ان دفعت بالدولار لأنها ستكون من أموال المودعين. ولفت الى انه مع اصدار قرار في مجلس النواب بإعفاء الشركات الخاصة من دفع الضريبة على القيمة المضافة حتى نهاية شهر حزيران، باتت الرواتب تدفع من طباعة الأموال لأن لا مداخيل للدولة، وكلما تأخر الحل كلما ازدادت الاوضاع سوءاً.

وشدّد ضاهر على ضرورة وقف الدعم كما هو حاصل اليوم والشروع بالحلول، لافتاً الى انه حتى لو كلفت البطاقة التمويلية 50 مليون دولار شهريا تبقى أوفر من طريقة الدعم المعتمدة حالياً والتي تستنزف 500 مليون شهرياً، مع العلم ان رفع الدعم كليا سينعكس سلبا على سعر الصرف الذي قد يصل الى 100 الف ليرة للدولار، وإذا رفع الدعم كلياً نصبح امام معضلة أخرى، فمع ارتفاع سعر الصرف لن تكفي الموازنة بأكملها لسد كلفة البطاقات التمويلية.

وختم: انّ البلد يعاني ولا قرار حتى الساعة بالانقاذ، ولا احد يتجرأ فيه على قول الحقيقة ومصارحة الناس بحقيقة الاوضاع. وأكد أنه لا يزال ممكناً الخروج من المأزق وذلك من خلال التفاهم على خطة إنقاذية موحدة يتحمل فيها كل طرف مسؤوليته، على ان يتنحى كل من يعجز على تحمل المسؤولية.

من جهته، يؤكد كبير الاقتصاديين ورئيس قسم الابحاث في بنك عودة مروان بركات ان البطاقة التمويلية ‏‏ستكون بالليرة اللبنانية وليس بالدولار الأميركي، وبالتالي هي لن تستنزف الدولارات المتبقية في الاحتياطي لدى مصرف لبنان.

ولفت، عبر «الجمهورية»، الى انّ ‏أهمية ترشيد الدعم تكمن في كونه يركّز على ذوي الحاجة واللبنانيين بشكل خاص وليس كل المقيمين والطبقات الميسورة في لبنان، كما أنه يتجنّب استنزاف الاحتياطي عن طريق ‏تهريب ‏المواد المدعومة إلى الخارج أو استفادة كبار التجار في الداخل.

أما ‏نقطة ضعف البطاقة التمويلية ‏فتكمن في كونها بالليرة اللبنانية، بما سيزيد من الكتلة النقدية بالليرة في السوق، وبالتالي سيكون لها آثار تضخمية ستؤدي الى انحراف إضافي ‏في سعر الصرف في السوق السوداء.

ورأى بركات ان الحل الوحيد هو في المساعدات الخارجية التي تشترط تأليف حكومة ذات مصداقية تنجز اتفاقاً مع صندوق النقد الدولي، وتطلق عجلة الإصلاحات المنشودة، ‏وتعبّد الطريق أمام المؤتمرات ‏الدولية الداعمة للبنان.

VDL