28-مارس-2024

كتبت لوسي بارسخيان في “نداء الوطن”:

من 12 نازحاً عبروا الأسبوع الماضي بوابة المصنع الحدودية في رحلة العودة الطوعية الأولى الى سوريا منذ جائحة «كورونا»، تراجع العدد في قافلة العودة الثانية التي جرت يوم السبت الماضي عبر البوابة ذاتها، ولم يغادرها إلا عشرة نازحين فقط بعدما تخلّف 4 أشخاص سجّلوا أسماءهم، عن موعد الإلتقاء الذي حدّد عند السادسة صباحاً في نقطة المصنع، وفوّتوا على أنفسهم الحافلة «البولمان» المسجّلة باسم «الشركة العامة للنقل الداخلي بدمشق»، والتي كانت بانتظارهم في الجانب اللبناني من الحدود، من ضمن الإجراءات اللوجستية التي تشرف عليها السلطات السورية في استعادة مواطنيها الراغبين بالعودة. فغادرت الحافلة الأراضي اللبنانية خلال دقائق، نتيجة للتسهيلات التي وفّرها الأمن العام اللبناني.

باكراً جدّاً وصل العائدون الى نقطة المصنع، وقد تبيّن أنّ هؤلاء أيضاً لم يأتوا من أيّ من مخيمات البقاع التي تضمّ أكبر تجمّعات النازحين، وإنّما من منطقة حاصبيا، علماً أنّ النازحين العائدين في القافلة الأولى كانوا من منطقة النبطية. بعض من كان في حافلة العودة الثانية كان يفترض أن يكون في القافلة الأولى إلّا أنّ تأخّر موافقة السلطات السورية على تسوية أوضاعهم جعلهم ينتظرون الى الأسبوع اللاحق.

وهكذا بات عدد النازحين الذي غادروا من لبنان عبر بوابة لبنان الأساسية في منطقة المصنع، 22. عدد لا يستحقّ التوقف عنده، إذا ما قورن بأعداد النازحين الذين كانوا عبروا هذه الحدود الرئيسية للبنان بالإتجاه المعاكس، أي نحو لبنان، منذ بداية الأحداث السورية في آذار 2011 وحتى سنة 2015، عندما اتخذت المديرية العامة للأمن العام قراراً بتنظيم دخول السوريين الى لبنان والإقامة فيه، والذي أعقب قراراً آخر صدر في حزيران 2014 ينزع صفة لاجئ عن كلّ سوري يتردّد الى بلاده، ممّا يعني تلقائياً عدم استفادته من المساعدات والخدمات التي لا تزال توفّرها المفوضية العليا للاجئين والجهات المانحة للنازحين.

وهكذا تراجع دور هذا المعبر الرسمي للبنان سواء في استقبال النازحين أو في وداعهم، من دون أن يعني ذلك إعاقة تردّد السوريين المقيمين في لبنان بصفة نازح، على بلدهم. فقسم كبير من هؤلاء لا هواجس لديهم من دخول سوريا طوعياً، إلا أنّ هاجسهم هو أن يسجّل خروجهم في دوائر الأمن العام اللبناني، لأنّ ذلك سيعني خسارتهم للمساعدات المتوفرة لهم بصفة لاجئ.

هذه العودة الخجولة، لم تغيّر في المشاهدات اليومية لأعداد الأشخاص الذين يسلكون الطرقات الجبلية الوعرة، سالكين طرقات التهريب الى سوريا ومنها، حيث تؤكّد مصادر أمنية في منطقة المصنع الحدودية إستمرار ظاهرة تهريب الأشخاص بين الحدودين، وتجزم بأنّ السبب الرئيسي لذلك هو التهرّب من مفاعيل القرار الصادر سنة 2014 تحديداً، والذي لا يزال مطبّقاً على الحدود الشرعية حتى اليوم، وحرصاً على استمرار إستفادتهم من مساعدات الجهات المانحة للنازحين في لبنان.

ولا يتوقّع متابعو الملفّ في المقابل أن يلجأ هؤلاء الى تسوية أوضاعهم القانونية مع السلطات اللبنانية والسورية من أجل تسهيل عودتهم الى بلادهم، طالما أنّ المساعدات الإنسانية للنازحين السوريين في مناطق هجرتهم، مستمرّة. وهكذا سيبقى دور مركز المصنع الحدودي في ملفّ العودة ثانوياً، لا بل متأخّراً عن الدور الذي يلعبه حالياً معبر لبنان الجبلي من منطقة وادي حميد في عرسال باتجاه منطقة الجراجير على الحدود السورية، حيث سجّل السبت عدد أكبر من الراغبين بالعودة من ضمن القافلة الثانية، على رغم بساطة أرقام العائدين أيضاً قياساً الى أعداد النازحين المقيمين في عرسال.

ومع ذلك يبقى بعض من يرغب في المغادرة بشكل نهائي في حالة ترقب لما سيؤول اليه مصير العائدين في القوافل الأولى، وخصوصاً بعد أخبار أشيعت عن توقيف 3 منهم الأسبوع الماضي، لم ينفها وزير الشؤون الاجتماعية هكتور حجار خلال متابعته قافلة العودة الثانية، موضحاً أنّ هؤلاء غادروا من خارج حملة العودة المنظّمة والمنسّقة مع السلطات السورية، ونصح بالتالي من يرغبون بالعودة على مسؤوليتهم أن يسلكوا معابر لبنان الشرعية ومن بينها معبر المصنع.